كان حصرهم بالمدينة وأسبغ عليهم ، وقال : إنّ أخوف ما أخاف على هذه الأمّة انتشاركم في البلاد ، [فإن](١) كان الرجل ليستأذنه في الغزو وهو ممن حبس في المدينة من المهاجرين ولم يكن فعل ذلك بغيرهم من أهل مكة ، فيقول : قد كان لك في غزوك مع النبي صلىاللهعليهوسلم ما يبلّغك ، وخير لك من الغزو اليوم ، أن لا ترى الدنيا ولا تراك ، فإنّما ولي عثمان خلافهم فاضطربوا في البلاد ، وانقطع إليهم الناس ، وكان أحبّ إليهم من عمر.
قال : ونا سيف ، عن مبشّر بن الفضيل ، عن سالم بن عبد الله ، قال (٢) :
لما ولي عثمان حج سنواته كلها إلى (٣) آخر حجة حجّها ، وحجّ بأزواج النبي صلىاللهعليهوسلم معه ، كما كان يصنع عمر ، فكان عبد الرّحمن بن عوف في موضعه ، وجعل في موضع نفسه سعيد بن زيد ، هذا مؤخر القطار ، وهذا في مقدمته ، وأمر (٤) الناس ، فكتب في الأمصار أن توافيه العمال في كل موسم ومن يشكوهم ، وكتب إلى الناس والأمصار ، أن ائتمروا بالمعروف ، وتناهوا عن المنكر ، ولا يذلّ المؤمن نفسه ، فإني مع الضعيف على القوي ما دام مظلوما ، إن شاء الله [فكان الناس](٥) كذلك ، فجرّ ذلك (٦) إلى أن اتخذه (٧) أقوام وسيلة (٨) إلى تفريق الأمة.
قال (٩) : ونا سيف ، عن عبد الله بن سعيد بن ثابت ، ويحيى بن سعيد ، قالا :
سأل سائل سعيد بن المسيّب ، عن محمّد بن أبي حذيفة ما دعاه إلى الخروج على عثمان ، قال : كان يتيما في حجر عثمان ، وكان عثمان والي أيتام أهل بيته ، ويحتمل كلّهم (١٠) ، فسأل عثمان العمل حين ولي ، فقال : يا بني لو كنت رضا ثم سألتني العمل لأكفيتك (١١) لا ولست هناك قال : فأذن لي فلأخرج فلأطلب ما يقوتني ، قال : اذهب حيث أحببت ، وجهّزه من عنده وحمله وأعطاه ، فلما وقع أمره فيمن يعين عليه أن منعه الإمارة.
__________________
(١) الزيادة عن م والأزهرية.
(٢) تاريخ الطبري ٤ / ٣٩٧.
(٣) كذا بالأصل وم والأزهرية ، وفي الطبري : إلّا آخر حجة.
(٤) في الطبري : وأمن الناس.
(٥) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وأضيف عن م و «ز» (وهي النسخة الأزهرية) وهذه النسخة بخط زكي الدين البرزالي.
(٦) في تاريخ الطبري : فجرى ذلك.
(٧) الأصل : اتخذوه ، والمثبت عن م و «ز».
(٨) كذا بالأصول ، وعلى هامش ز : سبيلا.
(٩) الخبر في تاريخ الطبري ٤ / ٣٩٩.
(١٠) الكل الذي هو عيال وثقل على صاحبه (اللسان : كلل).
(١١) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الطبري : لاستعملتك.