ذكر مذاهبهم في أوّل الشهور
اعلم أن القوم كانوا شيعة ، ثم غلوا حتى عدوّا من غلاة أهل الرفض ، وللشيعة في أثناء الشهور عمل ، أحسن ما رأيت فيه.
ما حكاه أبو الريحان محمد بن أحمد البيروتيّ في كتاب الآثار العافية عن القرون الخالية قال : وفي سنين من الهجرة نجمت ناجمة لأجل أخذهم بالتأويل إلى اليهود والنصارى ، فإذا لهم جداول وحسبانات يستخرجون بها شهورهم ، ويعرفون منها صيامهم ، والمسلمون مضطرّون إلى رؤية الهلال ، وتفقد ما اكتساه القمر من النور وجدوهم شاكين في ذلك مختلفين فيه ، مقلدين بعضهم بعضا في عمل رؤية الهلال بطريق الزيجات ، فرجعوا إلى أصحاب علم الهيئة ، فألفوا زيجاتهم مفتتحة بمعرفة أوائل ما يراد من شهور العرب بصنوف الحسبانات ، فظنوا أنها معمولة لرؤية الأهلة ، فأخذوا بعضها ، ونسبوه إلى جعفر بن محمد الصادق عليهماالسلام ، وزعموا أنه سرّ من أسرار النبوّة ، وتلك الحسبانات مبنية على حركات التدبير الوسطى دون المعدّلة أو معمولة على سنة القمر التي هي : ثلثمائة وأربعة ، وخمسون يوما وخمس يوم ، وسدس يوم ، وأن ستة أشهر من السنة تامة ، وستة أشهر ناقصة ، وإن كل ناقص منها ، فهو تال لتامّ ، فلما قصدوا استخراج الصوم والفطر بها ، خرجت قبل الواجب بيوم في أغلب الأحوال ، فأوّلوا قوله عليهالسلام : «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» وقالوا : معنى صوموا لرؤيته : أي صوموا اليوم الذي يرى في عشيته ، كما يقال : تهيؤا لاستقباله ، فيقدّم التهيؤ على الاستقبال ، قال : ورمضان لا ينقص عن ثلاثين يوما أبدا.
قافلة الحج : قال في كتاب الذخائر والتحف : إن المنفق على الموسم كان في كل سنة تسافر فيها القافلة : مائة ألف وعشرين ألف دينار منها : ثمن الطيب ، والحلواء والشمع راتبا في كل سنة : عشرة آلاف دينار ، ومنها : نفقة الوفد الواصلين إلى الحضرة : أربعون ألف دينار ، ومنها في ثمن الحمايات ، والصدقات ، وأجرة الجمال ، ومعونة من يسير من العسكرية ، وكبير الموسم ، وخدم القافلة ، وحفر الآبار ، وغير ذلك : ستون ألف دينار ، وإنّ النفقة كانت في أيام الوزير البازوريّ : قد زادت في كل سنة ، وبلغت إلى مائتي ألف دينار ، ولم تبلغ النفقة على الموسم مثل ذلك في دولة من الدول.
موسم عيد الفطر : وكان لهم في موسم عيد الفطر عدّة وجوه من الخيرات منها : تفرقة الفطرة ، وتفرقة الكسوة ، وعمل السماط ، وركوب الخليفة لصلاة العيد ، وقد تقدّم ذكر ذلك كله فيما سبق.
عيد النحر : فيه تفرقة الرسوم من الذهب والفضة ، وتفرقة الكسوة لأرباب الخدم من