وخضوع ، فلما فرغ من خطبته ، انصرف في عساكره وخلفه أولاده الأربعة بالجواشن والخود على الخيل بأحسن زيّ ، وساروا بين يديه بالفيلين ، فلما حضر في قصره أحضر الناس ، فأكلوا وقدّمت إليهم السمط ، ونشطهم إلى الطعام ، وعتب على من تأخر ، وهدّد من بلغه عنه صيام العيد.
وقال المسبحيّ في حوادث آخر يوم من رمضان : سنة ثمانين وثلثمائة ، وبقيت مصاطب ما بين القصور والمصلى الجديدة ظاهر باب النصر عليها المؤذنون ، حتى يتصل التكبير من المصلى إلى القصر ، وفيه تقدّم أمر القاضي محمد بن النعمان ، بإحضار المتفقهة والمؤمنين يعني الشيعة ، وأمرهم بالجلوس يوم العيد على هذه المصاطب ولم يزل يرتب الناس ، وكتب رقاعا فيها أسماء الناس ، فكانت تخرج رقعة رقعة ، فيجلس الناس على مصطبة مصطبة بالترتيب.
وفي يوم العيد : ركب العزيز بالله لصلاة العيد ، وبين يديه الجنائب ، والقباب الديباج بالحليّ والعسكر في زيه من الأتراك ، والديلم والعزيزية ، والإخشيدية ، والكافورية ، وأهل العراق بالديباج المثقل والسيوف ، والمناطق الذهب ، وعلى الجنائب السروج الذهب بالجوهر ، والسروج بالعنبر ، وبين يديه الفيلة عليها الرجالة بالسلاح ، والزرّاقة ، وخرج بالمظلة الثقيلة بالجوهر ، وبيده قضيب جدّه عليهالسلام ، فصلى على رسمه وانصرف.
وقال ابن المأمون : ولما توفي أمير الجيوش بدر الجماليّ ، وانتقل الأمر إلى ولده : الأفضل بن أمير الجيوش جرى على سنن والده في صلاة العيد ، ويقف في قوس باب داره الذي عند باب النصر يعني : دار الوزارة فلما سكن بمصر صار يطلع من مصر باكرا ، ويقف على باب داره على الحالة الأولى ، حتى تستحق الصلاة ، فيدخل من باب العيد إلى الإيوان ، ويصلي به القاضي ابن الرسعنيّ ، ثم يجلس بعد الصلاة على المرتبة إلى أن تنقضي الخطبة فيدخل من باب الملك ، ويسلم على الخليفة ، بحيث لا يراه أحد غيره ، ثم يخلع عليه ، ويتوجه إلى داره بمصر ، فيكون السماط بها مدى الأعياد ، فلما قتل الأفضل ، واستقرّ بعده المأمون بن البطائحيّ في الوزارة قال : هذا نقص في حق العيد ، ولا يعلم السبب في كون الخليفة لا يظهر ، فقال له الخليفة الآمر بأحكام الله : فما تراه أنت؟ فقال : يجلس مولانا في المنظرة التي استجدّت بين باب الذهب ، وباب البحر ، فإذا جلس مولانا في المنظرة ، وفتحت الطاقات ، وقف المملوك بين يديه في قوس باب الذهب ، وتجوز العساكر فارسها وراجلها ، وتشملها بركة نظر مولانا إليها ، فإذا حان وقت الصلاة توجه المملوك بالموكب والزيّ وجميع الأمراء والأجناد ، واجتاز بأبواب القصر ، ودخل الإيوان ، فاستحسن ذلك منه ، واستصوب رأيه ، وبالغ في شكره ، ثم عاد المأمون إلى مجلسه ، وأمر بتفرقة كسوة العيد والهبات ، يعني في عيد النحر ، سنة خمس عشرة وخمسمائة ، وجملة العين : ثلاثة