أصحابه ، وثبت في طائفة ، ثم انهزم إلى الفسطاط لثلاث خلون من رجب ، فاستتر ، ودخل دميانة في مراكب الثغور ، وأقبل عيسى النوشري ، ومعه الحسين المادرانيّ ، ومن كان معهما لخمس خلون منه ، فعاد النوشري إلى ما كان عليه من صلاتها ، والمادرانيّ إلى ما كان عليه من الخراج ، وعرف النوشريّ بمكان ابن الخليج ، فهجم عليه وقيده لست خلون من رجب ، وكانت مدّة ابن الخليج بمصر سبعة أشهر وعشرين يوما ، ودخل فاتك في عسكره إلى الفسطاط لعشر خلون من رجب ، فأخرج ابن الخليج في البحر لست خلون من شعبان ، فلما قدم بغداد طيف به وبأصحابه وهم ثلاثون نفرا ، فكان يوما مذكورا ، وابتدئ في هدم ميدان بني طولون في شهر رمضان ، وبيعت أنقاضه ، وخرج فاتك إلى العراق للنصف من جمادى الأولى سنة أربع وتسعين ، وأمر النوشري بنفي المؤنثين ، ومنع النوح والنداء على الجنائز ، وأمر بإغلاق المسجد الجامع فيما بين الصلاتين ، ثم أمر بفتحه بعد أيام ، ومات المكتفي في ذي القعدة سنة خمس وتسعين ، فشغب الجند بمصر ، وحاربوا النوشريّ على طلب مال البيعة ، فظفر بجماعة منهم ، وبويع جعفر المقتدر ، فأقرّ النوشري على الصلاة ، وقدم زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب أمير إفريقية مهزوما من أبي عبد الله الشيعيّ في رمضان سنة ست وتسعين إلى الجيزة ، فمنعه النوشري من العبور ، وكانت بين أصحابه ، وبين جند مصر منافسة ، ثم أذن له أن يعبر وحده ، ومات النوشري لأربع بقين من شعبان سنة سبع وتسعين ، وهو وال ، فكانت ولايته خمس سنين وشهرين ونصفا ، منها مدّة ابن الخليج سبعة أشهر وعشرون يوما ، وقام من بعده ابنه أبو الفتح محمد بن عيسى.
ثم ولي تكين الخزريّ أبو منصور ، من قبل المقتدر على الصلاة ، فدعي له بها يوم الجمعة لإحدى عشرة خلت من شوّال ، وقدم خليفته لسبع بقين منه ، ثم قدم تكين لليلتين خلتا من ذي الحجة ، وتقدّم إليه بالجدّ في أمر المغرب ، والاحتراس منه ، فبعث جيشا إلى برقة عليه أبو اليمن ، فحاربه حباسة بن يوسف بعساكر المهديّ عبيد الله الفاطميّ صاحب إفريقية ، واستولى على برقة ، وسار إلى الإسكندرية في زيادة على مائة ألف ، فدخلها في المحرّم سنة اثنتين وثلثمائة ، فقدمت الجيوش من العراق مددا لتكين في صفر ، وقدم الحسين المادرانيّ ، وأحمد بن كيغلغ (١) في جمع من القوّاد ، وبرزت العساكر إلى الجيزة في جمادى الأولى ، وخرج تكين ، فكانت واقعة حباسة : قتل فيها آلاف من الناس ، وعاد حباسة إلى المغرب ، وقدم مونس الحادم من بغداد في جيوشه للنصف من رمضان ، ومعه جمع من الأمراء ، فنزل الحمراء ، ولقي الناس منهم
__________________
(١) أبو العباس من أمراء العصر العباسي تركي الأصل نشأ في بغداد وقدم مصر سنة ٢٩٢ ه و ٣٠٢ ه لقمع ثورات نشبت فيها ثم تولى إمارة مصر سنة ٣١١ ه ثم تولى أصبهان سنة ٣١٩ ه وأعيد إلى ولاية مصر سنة ٣٢٢ ه وعزل سنة ٣٢٣ ه. الأعلام ج ١ / ٨٥.