وما مات منا ميت (١) حتف أنفه |
|
ولا طلّ (٢) منا حيث كان قتيل |
وهذا في دلالته على الفصل بمنزلة قول العامة : مات فلان على فراشه ليفصلوه ممن قتل ، ولو كان هذا القائل قال في هذا الموضع : حتى جاءه حتفه ، أو منيته أو حتف نفسه ، أو ما أشبه هذا من الألفاظ المنبئة عن هذا المعنى وصل إلى بغيته فأصاب في العبارة عما قصد له ، وسلم من تخطئة أهل العلم له.
أخبرنا أبو طاهر محمّد بن أبي بكر محمّد بن عبد الله السّنجي المؤذن الخطيب ـ بمرو ـ أنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمّد المؤذن النيسابوري ، نا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمّد بن يحيى المزكي ـ إملاء ـ أنا محمّد بن أحمد بن حمّاد أن أبا العباس المرهبي أخبره قال : وأخبرني أحمد بن علي الكاتب الكبير قال : قرأت في كتاب الدولة.
أن أبا مسلم حجّ ، فلما بلغ الحيرة (٣) قال له : إن هاهنا نصرانيا قد أتى له مائتا سنة ، وعنده علم من العلم الأول ، قال : فأتي به ، فقال لأبي مسلم : قد قمت بالكفاية ، ولم تنال في العناية ، وقد بلغت النهاية ، أحرقت نفسك وشتت أمرك ، وكأن قد عانيت قتلك ، قال : فاغتم أبو مسلم ، فقال له : لم تؤت من حزم وثيق ، ورأي أنيق ، ولا من تدبير نافع ولا من سيف قاطع ، ولكن ما استجمع من أحد أمله إلّا أسرع في تفريقه أجله ، قال : فكلمه بكلام آخر ، فقال له النصراني : التقدير في يدي من يبطل معه التدبير ، فانصرف أبو مسلم ، وكان من أمره ما كان (٤)(٥).
أخبرنا أبو العزّ ـ إذنا ومناولة وقرأ علي إسناده ـ أنا محمّد بن الحسين ، نا المعافى بن زكريا (٦) ، نا إبراهيم بن محمّد بن عرفة ، نا أبو العباس المنصوري (٧) ، قال لما قتل أمير المؤمنين المنصور أبا مسلم قال : رحمك الله أبا مسلم ، بايعتنا وبايعناك ، وعاهدتنا وعاهدناك ، ووفيت لنا ووفينا لك ، وإنّا بايعناك (٨) على أنه لا يخرج علينا أحد في هذه الأيام
__________________
(١) الديوان : سيد.
(٢) عن الديوان ، وبالأصل وم : ظل.
(٣) الحيرة : مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة على موضع يقال له النجف (معجم البلدان).
(٤) الخبر السابق سقط من م.
(٥) أقحم بعدها بالأصل : يتلوه : قبله بورقتين : أنا أبو غالب محمد بن الحسن ، وقد وضعت في بداية العبارة وفي نهايتها علامتان ، وفوقها خط أفقي.
(٦) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٤ / ٢٠٠ ـ ٢٠١ باختلاف الرواية ، وسيرد الخبر مفصلا عنه.
(٧) عن م والجليس الصالح ، وبالأصل : المنصور.
(٨) الجليس الصالح : فإنك بايعتنا على أنه من خرج علينا قتلناه ، وأنك خرجت علينا فقتلناك ، وحكمنا لك حكمنا لنا على نفسك.