قال : سمعت الأوزاعي يقول :
الملك ملكان مقرونان في قرن |
|
فأهنأ العيش عندي (١) خفّة المؤن |
وصحّة الجسم ملك ليس يعدله |
|
ملك وما الملك إلّا صحة البدن |
أخبرنا أبو تراب حيدرة بن أحمد ، نا عبد العزيز الكتاني (٢) ، أنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي نصر ، أنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الأذرعي (٣) ، نا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن الغمر الطّبراني ، حدثني أبو سعيد هاشم بن مرثد ، قال : سمعت أحمد بن الغمر يقول : سمعت عبد الله بن أبي السّائب يقول :
قلت لأبي عمرو الأوزاعي : يا أبا عمر رضي الله عنك ، أخبرني عن تفسير حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يأتي على الناس زمان المتمسك فيه بدينه كالقابض على الجمر» متى هو؟ قال الأوزاعي : إن لم يكن زماننا هذا فلا أدري متى هو [٧١٣٨].
قال أبو سعيد : فقلت لأبي عبد الله أحمد بن الغمر : يا أبا عبد الله أخبرني عن قول الأوزاعي : «زماننا هذا وما بعده أشد منه» ، كما جاءت به الآثار ، فلما جاءت (٤) المحنة التي نزلت به لما نزل عبد الله بن علي حماة ، بعث إلى الأوزاعي ، فأشخص إليه ، قال : فنزل على ثور بن يزيد الحمصي ، قال الأوزاعي : فلم يزل ثور يتكلم في القدر من بعد صلاة العشاء الآخرة إلى أن طلع الفجر ، والأوزاعي ساكت ما أجابه بحرف ، فلما انفجر الفجر قام فتوضأ لصلاة الصبح ، ثم صلّى وركب ، فأتى حماة ، فدخل الآذن ، فأذن للأوزاعي ، قال : فدخلت على عبد الله وهو على سريره ، وفي يده خيزرانة ينكت (٥) بها الأرض ، وحوله المسوّدة بالسيوف المصلتة (٦) والعمد الحديد ، والسيف والنطع بين يديه [(٧) ، فسلّمت ، فنكت في الأرض ثم رفع رأسه إليّ ثم قال : يا أوزاعي أتعدّ مقامنا هذا أو مسيرنا (٨) ـ رباطا] ، فقلت : جاءت الآثار عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله
__________________
(١) الأصل : «عند» والمثبت عن م.
(٢) بالأصل وم : الكناني ، تصحيف ، والصواب ما أثبت ، مرّ التعريف به.
(٣) من طريقه رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٧ / ١٢٢ ـ ١٢٣ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ١٤١ ـ ١٦٠) ص ٤٩٥ وانظر البداية والنهاية بتحقيقنا ١٠ / ١٢٥ ـ ١٢٦.
(٤) في سير أعلام النبلاء : جلّت.
(٥) في م : فنكت.
(٦) بالأصل : «المصلية» وفي م بدون إعجام ، والمثبت عن المختصر ١٤ / ٣٣٢.
(٧) ما بين الرقمين ليس في م.
(٨) في سير أعلام النبلاء : أيعد مقامنا هذا ومسيرنا رباطا؟.