حدّثني أبي ، نا أبي (١) ، نا حسين ـ يعني (٢) ـ المعلم ، نا عبد الله بن بريدة أن سليمان بن ربيعة حدّثه أنه حجّ في إمارة معاوية ومعه المنتصر (٣) بن الحارث الضّبّي في عصابة من قرّاء أهل البصرة ، فقال : والله لا نرجع حتى نلقى رجلا من أصحاب محمّد صلىاللهعليهوسلم مرضيا يحدّثنا بحديث ، فلم نزل نسأل حتى أخبرنا (٤) أن عبد الله بن عمرو بن العاص نازل في أسفل مكة ، فعمدنا إليه ، فإذا نحن بثقل عظيم يرتحلون ثلاثمائة راحلة ، منها مائة راحلة ومائتا زاملة (٥) ، فقلنا : لمن هذا الثقل؟ فقالوا : لعبد الله بن عمرو ، فقلنا : أكل هذا له ، وكنا نحدّث أنه من أشد الناس تواضعا ، فقالوا : أما هذه المائة راحلة فلإخوانه يحملهم عليها ، وأما المائتان فلمن نزل عليه من أهل الأمصار له ولأضيافه ، فعجبنا من ذلك عجبا شديدا ، فقالوا : لا تعجبوا من هذا ، فإن عبد الله بن عمرو رجل غني ، وإنه يرى حقّا عليه أن يكثر من الزاد لمن نزل عليه من الناس ، فقلنا : دلونا عليه ، فقالوا : إنه في المسجد الحرام ، فانطلقنا لطلبه حتى وجدناه في دبر الكعبة جالسا ، رجل قصير أرمص (٦) بين بردتين (٧) وعمامة ، ليس عليه قميص ، قد علق نعليه في شماله.
وهذا مختصر من حديث.
أنبأناه بطوله أبو الغنائم محمّد بن علي بن ميمون ، عن محمّد بن علي بن الحسن (٨) ، نا الحسين (٩) بن أحمد بن أبي داود الحفري (١٠) القطّان ، نا أبو بكر أحمد بن محمّد بن السري التميمي ، أنا عبيد الله (١١) بن أحمد بن حازم البصري ، نا الحسن (١٢) بن أبي الربيع الجرجاني ، نا عبد الصّمد بن عبد الوارث ، حدّثني أبي ، نا
__________________
(١) «نا أبي» كذا مكررة بالأصل ، ولم ترد في ل والحلية إلّا مرة واحدة.
(٢) في الحلية : حسين بن المعلم. وفي سير الأعلام وتاريخ الإسلام : حسين المعلم.
(٣) عن ل والحلية وبالأصل : المنصر.
(٤) كذا بالأصل ، وفي الحلية ول : «حدثنا» وفي سير الأعلام : فحدثنا.
(٥) الراحلة : البعير النجيب القوي على الأسفار.
والزاملة : البعير الذي يحمل عليه الطعام والمتاع.
(٦) الرمص مما يجتمع في زوايا الأجفان من رطوبة العين.
(٧) في الحلية ول : بردين.
(٨) عن ل والمطبوعة ، وبالأصل : الحسين.
(٩) في ل : الحسن.
(١٠) عن ل وبالأصل : الجعفري.
(١١) في ل : عبد الله.
(١٢) عن ل وبالأصل : الحسين.