ح قال : وأنا عبد الله بن يوسف الأصبهاني ، أنا أبو سعيد بن الأعرابي ، قالا : نا سعدان بن نصر (١) ، نا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن نافع قال :
مرض ابن عمر ، فاشتهى عنبا أول ما جاء العنب ، فأرسلت صفية امرأته بدرهم فاشترت عنقودا بدرهم ، فاتّبع الرسول سائل ، فلما أتى الباب ودخل قال : السائل ، السائل ، فقال ابن عمر : أعطوه إياه ، ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت به عنقودا ، فاتبع الرسول السائل ، فلما انتهى إلى الباب ودخل قال : السائل : السائل ، فقال ابن عمر :
أعطوه إيّاه ، فأرسلت صفية إلى السائل ، فقلت : والله لئن عدت لا تصيب مني خيرا أبدا ، ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت به.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، وأبو بكر بن إسماعيل ، قالا : نبأ يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا عبد الله بن المبارك ، أنبأ المفضل بن لاحق ، عن أبي بكر بن حفص ، قال :
كان ابن عمر لا يحبس عن طعام بين مكة والمدينة مجذوما ولا أبرص ولا مبتلى حتى يقعدوا معه على مائدته ، فبينما هو يوما قاعد على مائدته أقبل موليان من موالي أهل المدينة ، فسلّما فرحبوا بهما وحيّوهما ، وأوسعوا لهما ، فضحك عبد الله بن عمر فأنكر الموليان ضحكه ، فقالا : يا أبا عبد الرّحمن ، ضحكت أضحك الله سنّك ، فما الذي أضحكك؟ قال : عجبا من بنيّ هؤلاء يجيء هؤلاء الذين تدمى (٢) أفواههم من الجوع ، فيضيّقون عليهم ، ويتأذون بهم (٣) حتى لو أراد أحدهم أن يأخذ مكان اثنين فعل ، تأذيا بهم وتضييقا عليهم ، وجئتما أنتما قد أوقرتما (٤) الزاد ، فأوسعوا إليكما وحبوكما ، يطعمون طعامهم من لا يريده ، ويمنعونه ممن يريده.
أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم (٥) ، قال : أخبرت عن سالم بن عصام (٦) ، نا يحيى بن حكيم ، نا عمر بن أبي خليفة قال : سمعت أفلح بن كثير قال : كان ابن عمر لا يرد سائلا حتى إن المجذوم ليأكل معه في صحفته (٧) وإنّ أصابعه لتقطر دما.
__________________
(١) في ل : نصره.
(٢) بالأصل : تجيء ... يدمي.
(٣) في ل : «ويتأذونهم» وبالأصل : «ويتودونهم» وأثبتنا ما في المطبوعة.
(٤) عن ل ، وبالأصل : «فرادوا فربما» وأوقر البعير : حمله الكثير من الزاد.
(٥) حلية الأولياء ١ / ٢٩٩.
(٦) في ل : سليم بن عاصم.
(٧) في الحلية : صحنه.