يوم عبد الله بن سلام ، وهو على نخلة يجتني منها رطبا لعمة له ، فسمع منادي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجلس عنده ، ثم جلس إلى عمته ، فقالت له : يا ابن أخ لم احتبست؟ وقد عرفت أني لا آكل شيئا حتى تأتيني ، فقال : يا عمة كنت عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالت له : كذبت ، والذي يحلف به ما كنت عنده ، إلّا أن تكون كنت عند موسى بن عمران ، فقال : لم أكن عند موسى بن عمران ، فقالت : عند النبي الذي يبعث قبيل (١) السّاعة؟ قال : نعم ، من عنده جئت.
فرجع إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال : يا أبا القاسم ، ثلاثة أشياء إن أنت حدّثتني بهن فأنت رسول الله ، أخبرني ما أول نزل ينزله أهل الجنة ، وتخبرني عن آية الشبه من أين هي؟ وتخبرني عن السّواد الذي في القمر ، ما هو ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أول نزل ينزله أهل الجنة بالم (٢) ونون ، فقال : ما بالم (٣) ونون ، قال : ثور وحوت يأكل من زائدة كبد أحدهما سبعون ألفا ، ثم يقومان ويزفنان لأهل الجنة.
وأمّا الشبه فأي النطفتين سبقت إلى الرحم من الرجل والمرأة فالولد له أشبه.
وأمّا السواد الذي في القمر فإنهما كانا شمسين ، فقال الله عزوجل : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ)(٤) فهو السواد الذي رأيت فهو المحو فمحونا آية الليل.
فقال عبد الله بن سلام : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمّدا رسول الله ثم قال : يا رسول الله إنّ اليهود قوم سوء ، وأخشى أن يعلموا بإسلامي فيأبنوني عندك ، ولا أدري أي شيء يقع ذلك عندك ، فأرسل فسلهم عني قبل يعلمون (٥).
فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فدعاهم فقال لهم : «حصين بن سلام : أي رجل هو فيكم» ، وكان اسمه حصين ، فسمّاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم عبد الله ، فقالوا : ذاك سيدنا ، وخيرنا ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فإن أسلم تسلمون معه» ، فقالوا : فهو خير من أن يترك دينه يا أبا القاسم ، فردّد رسول الله صلىاللهعليهوسلم كلامه عليهم ، فردوا عليه مثل قولهم له ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أخرج عليهم يا عبد الله» ، فخرج فقال : أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد
__________________
(١) في دلائل النبوة للبيهقي ٦ / ٢٦٢ يبعث عند قيام الساعة.
(٢) في دلائل البيهقي : «بلام ونون» وفي المطبوعة : بالام.
(٣) في دلائل البيهقي : «بلام ونون» وفي المطبوعة : بالام.
(٤) سورة الإسراء ، الآية : ١٢.
(٥) كذا بالأصل وم.