أنبأناه أبو علي الحدّاد ، ثم أخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا يوسف بن الحسن الزنجاني ، قالا : أنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله ، أنا عبد الله بن جعفر بن فارس ، أنا يونس بن حبيب ، نا أبو داود ، نا سليمان بن المغيرة ، نا ثابت البناني ، عن عبد الله بن رباح ، قال :
وفدنا إلى معاوية ومعنا أبو هريرة ، فكان بعضنا يصنع لبعض الطعام ، وكان أبو هريرة ممن يصنع لنا فيكثر فيدعونا إلى رحله ، فقلت : لو أمرت بطعام فصنع ودعوتهم إلى رحلي ففعلت ، ولقيت أبا هريرة بالعشيّ ، فقلت : يا أبا هريرة الدعوة عندي الليلة ، فقال : سبقتني يا أخا الأنصار بدعوتهم ، فإنّهم لعندي إذ قال أبو هريرة : ألا أعلمكم بحديث من حديثكم يا معشر الأنصار ، وكان عبد الله بن رباح أنصاريا ، قال : فذكر فتح مكة ، وقال : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم خالد بن الوليد على أحد (١) المجنبتين ، وبعث الزبير على المجنبة الأخرى ، وبعث أبا عبيدة على الحسّر (٢) ، ثم رآني فقال : «يا أبا هريرة» ، فقلت : لبّيك رسول الله وسعديك ، فقال : «اهتف لي بالأنصار ، ولا تأتني إلّا بأنصاري» ، قال : ففعلت ، ثم قال : «انظروا قريشا وأوباشهم ، فاحصدوهم حصدا» ، قال : فانطلقنا ، فما أحد منهم يوجه إلينا شيئا ، وما منا أحد يريد أحدا منهم إلّا أخذه ، وجاء أبو سفيان فقال : يا رسول الله أبيرت (٣) خضراء قريش ، لا قريش بعد اليوم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن ألقى السلاح فهو آمن» ، فألقى الناس سلاحهم ، ودخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فبدأ بالحجر فاستلمه ، ثم طاف سبعا ، وصلّى خلف المقام ركعتين ، ثم جاء ومعه القوس أخذ بسيّتها (٤) فجعل يطعن بها في عين صنم من أصنامهم وهو يقول : «جاء الحقّ وزهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقا» ، ثم انطلق حتى أتى الصفا فعلا منه حتى يرى البيت ، وجعل يحمد الله ويدعوه ، والأنصار عنده يقولون : أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ، ورأفة بعشيرته ، وجاء الوحي ، وكان الوحي إذا جاء لم يخف
__________________
(١) كذا بالأصل وم ، ولعل الصواب : إحدى كما في صحيح مسلم (كتاب الجهاد) (٣٢) ، باب فتح مكة (٣١) الحديث رقم ١٧٨٠.
(٢) أي الذين لا دروع لهم.
(٣) أبيرت أي هلكت ، وفي صحيح مسلم : «أبيحت» وعنده في حديث آخر : أبيدت. وجميعه بمعنى الهلاك.
وخضراؤهم أي جماعتهم.
(٤) سبة القوس : طرفها المنحني.