فقال : أو حين صلح هذا؟ والله لو وجدوكم في جوفها لذبحوكم جميعا ، ثم أنشأ يقول (١) :
ولست بمبتاع الحياة بسبّة |
|
ولا مرتق (٢) من خشية الموت سلّما |
أنافس سهما إنّه غير بارح |
|
ملاقي المنايا أيّ صرف تيمّما |
ثم أقبل على آل الزبير يعظهم ويقول : ليكن أحدكم سيفه كما يكن وجهه ، لا ينكسر سيفه فيدفع عن نفسه بيده كأنه امرأة ، والله ما لقيت زحفا قط إلّا في الرعيل الأول ، وما ألمت جرحا قط إلّا أن ألم الدواء قال : فبينما هم كذلك ، إذ دخل عليهم نفر من باب بني جمح فيهم أسود فقال : من هؤلاء؟ قيل : أهل حمص ، فحمل ومعه شيبان فأول من لقيه الأسود ، فضربه بسيفه حتى أطنّ (٣) رجله فقال له الأسود : أخ يا ابن الزانية ، فقال له ابن الزبير : اخس يا ابن حام ، أسماء زانية ، ثم أخرجهم من المسجد وانصرف ، فإذا بقوم قد دخلوا من باب بني سهم ، فقال : من هؤلاء؟ فقيل : أهل الأردن ، فحمل عليهم وهو يقول :
لا عهد لي بغارة مثل السّيل |
|
لا ينجلي غبارها حتى الليل |
قال : فأخرجهم من المسجد ، فإذا بقوم قد دخلوا من باب بني مخزوم ، فحمل عليهم وهو يقول :
لو كان قرني واحدا كفيته
قال : وعلى ظهر المسجد من أعوانه من يرمي عدوه بالآجر وغيره ، فحمل عليهم ، فأصابته آجرة في مفرقه حتى فلقت رأسه ، فوقف قائما وهو يقول :
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا |
|
ولكن على أقدامنا تقطر الدّما |
قال : ثم وقع ، فأكبّ عليه موليان له وهما يقولان :
العبد يحمي ربّه ويحتمي
قال : ثم سيّر إليه فحزّ رأسه.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ،
__________________
(١) البيت الأول في الوافي بالوفيات ١٧ / ١٧٦ ونسبه بحاشيته للحصين بن حمام المري.
(٢) بالأصل وم : مرتقى ، والمثبت عن الوافي.
(٣) أطن رجله أي قطعها بسرعة (انظر تاج العروس بتحقيقنا «طنن»).