عمقها ستة إلى ثمانية أقدام في حين تمتد بساتين النخيل على كلا الجانبين. بعد ذلك ارتقينا أرضا مرتفعة وشاهدنا البحر. وبعد أن واصلنا رحلتنا فوق السهل البحري وصلنا في تمام الساعة الثالثة والدقيقة الخمسين مدينة (السيب) حيث أقمنا في حصن دائري صغير قرب ساحل البحر. لم تكن هناك أي مبالغة في جو مدينة السيب ، إذ بعد أن استرحنا من عناء الرحلة ، استرد جميع أفرادنا عافيتهم على جناح السرعة. ولكي نضمن عدم انتكاسة صحتنا ، وهو أمر يخشى منه في مثل هذه النوبات أكثر من المرض نفسه ، فقد قررت البقاء حتى اليوم العشرين. ولما وجدت بعد ذلك أننا بتنا كلنا في صحة جيدة ، كتبت رسالة إلى الإمام في (مسقط) طالبا منه تزويدنا بأحد المرشدين ليدلّني على البريمي ، نقطة الوهابيين الحدودية. وعلى الرغم من أن موسم القوافل قد مرّ أغلبه ، فإنه لم يكن لدي سوى سبب بسيط لأن أرتاب في قدرتي على الوصول مع قافلة صغيرة إلى الدرعية. لهذا السبب ، كانت خيبة أملي شديدة عند ما عرفت من جواب سعادته بأن الوهابيين قد قاموا قبل بضعة أيام بغارة مفاجئة على الأجزاء الشمالية من عمان وأنهم استولوا على العديد من المدن قرب (صحار) ونهبوها وأحرقوها ، وأن سكان مدينة (عبري) ، الواقعة على الطريق المؤدية إلى (البريمي) ، اندلعت المعارك بينهم وبين جيرانهم ، وان سعادته يفضل ألا استأنف رحلتي في ظل الأوضاع الحالية غير المستقرة. لم أفكر البتة بأنني أستطيع أن أكمل المهمة التي كلفت بالقيام بها دون مخاطرة. وهذه فرصة تتضمن دراسة وتقصي نصف الإقليم تقريبا ، وبدا هذا مبررا للاستمرار في رحلتي حتى نهايتها. كما أنني لم أشعر باليأس من قدرتي في الوصول إلى (الدرعية) إذا ما تمكنت من الوصول إلى (البريمي). لهذا السبب ، نقلت تمنياتي إلى الإمام وعبرت له عن شكري لمودته. ولسعادتي البالغة في صباح اليوم الرابع والعشرين أنني وجدت قرب خيمتي رجلا محترما جدا معروفا في جميع أرجاء البلاد على أهبة الاستعداد لمرافقتنا.
كانت البيوت في مدينة (السيب) متباعدة عن بعضها ومشيدة على شكل مجموعات من بيتين أو ثلاثة بيوت وسط أشجار النخيل. ويمكن الحصول منها على اللحوم الطازجة والفواكه والخضروات. أما السوق فكانت عامرة بالبضاعة قياسا إلى عدد السكان القليل. وعند سماع الإمام بنبأ وصولنا صدرت الأوامر حالا إلى الشيخ ليزودنا بكل ما نريد ، وقد