الفصل الأول
الوصول إلى مسقط
قورنت شبه الجزيرة العربية مقارنة مناسبة بطبقة إفريز محاطة بالذهب لأن البقاع الخصبة أو التي يمكن زراعتها تقع ضمن حدودها ، أما الأراضي الوسطى فهي أراض قاحلة ورملية. ودرست معظم حدودها السورية أو الشمالية. فقد وصف بركهاردت ، من خلال ملاحظاته الشخصية الأماكن القريبة من مكة والمدينة في الحجاز ، ووصف (نيبور) ، جزءا صغيرا من اليمن ، في حين ظل كل من إقليم حضر موت وإقليم عمان والجانب الغربي الذي يحد الخليج العربي مجهولا لم يكشف عنه شيء بعد (١).
وفي أثناء عملي قبل بضع سنوات في إجراء المسوحات على سواحل شبه الجزيرة العربية الجنوبية والغربية ، كان اهتمامي يتجه دوما إلى الحصول على معلومات عن الأقاليم المجاورة لها. إلا أن الفرصة لم تسنح لي آنذاك في التغلغل داخل البلاد ـ التي قدمت فرصة طيبة للنجاح ـ حتى بداية سنة ١٨٣٥ عند ما اضطر محمد علي بفعل مزاجه الذي لا يعرف السكينة ولا حدودا للطمع إلى إرسال قوة من مصر للاستيلاء على بلاد القهوة. وسرعان ما حظي اقتراحي بمرافقة جيشه إلى هذه النقطة ومن ثم محاولة الوصول إلى حضر موت بموافقة الحكومة الهندية. ولكن قبل وصول الموافقة إليّ وصلت أنباء تفيد أن جيش الباشا اضطر إلى دخول ممر ضيق في إقليم عسير وألحقت به هزيمة منكرة ، ولم تصل إلّا ثلة بائسة إلى ساحل البحر.
وبسبب من إحباطي في هذا الجزء ، وجهّت اهتمامي ، لدى عودتي إلى بومباي ، صوب عمان التي تحظى بسمعة ليست أقل إثارة للاهتمام من بقية الأقاليم ، إلا أن الذي كان يردعني
__________________
(*) يعتبر المؤلف وزميله وايتلوك F.WHITELOCK من أوائل الرحالة الأوروبيين الذين تمكنوا من التوغل داخل عمان في عامي ١٨٣٥ و ١٨٣٦ تلاهما عالم النبات الفرنسي ريمي او شرايلوي عام ١٨٣٨. أما بالنسبة لحضر موت فقد قام المؤلف وزميلان له هما كرتندن وهلتن باستكشاف ساحل حضر موت ولم يتوغلوا إلى الداخل حيث وادي حضر موت بمدنه الشهيرة مثل شبام وتريم وسيؤن.