الفصل الثاني عشر
بركاء ـ المصنعة ـ السويق
الخامس والعشرون من فبراير / شباط : في الساعة الثانية والدقيقة العاشرة غادرنا مخيمنا. كانت حياتنا في هذه البقعة في منتهى الكآبة والرتابة مما دفع الجميع إلى عدم الشعور بالحزن لمفارقتها. ولغرض عدم إغراء القبائل المتهورة التي سنوشك على الاختلاط بها بنهب ما نملك ، فقد قللنا من متاعنا حتى بات عبارة عن صندوق واحد والجزء الداخلي من الخيمة. وبهذا انخفض عدد الإبل إلى خمسة وهو نفس عدد أفراد المجموعة.
بعد مغادرتنا ضواحي القرية ، واصلنا حتى الساعة الرابعة والنصف اجتياز سلسلة من الحدائق والمناطق المزروعة بالنباتات الكثيفة. وكانت حقول القمح والشعير تبرز من بين التربة السوداء. وفي الساعة الخامسة والنصف ، داهمتنا عاصفة شديدة فشعرنا بالسعادة عند ما حصلنا على مأوى في مبنى بائس يدعى حصن Bedowih. هطلت الأمطار بغزارة ، وكان البرق والرعد شديدين حقا. في بعض الأحيان انقلبت العاصفة إلى إعصار وبان الهلع على الإبل حتى أنها ، رغم أنها تجولت بعيدا بحثا عن العشب ، تجمعت من حول الباب كلما انفتح وسعت إلى الدخول. كانت بعض النساء اللواتي لحقن بالجماعة من (السيب) يبكين طيلة الليل من شدة الخوف والبرد ، إذ كان السقف في المكان الصغير الذي احتشدنا فيه يسمح بنفاذ الماء في كل اتجاه ، وكان كل واحد منا مبللا تماما. وشعرت بسعادة غامرة عند ما انبلج الصبح وسمح لنا بالخروج من جحرنا وتدفئة أو صالنا المتشنجة.
الجمعة ، السادس والعشرون من فبراير / شباط : ملأت أمطار الليلة الفائتة قيعان جميع الجداول الجافة. وبعد أن فاضت المياه فوق ضفافها ، بدأت تندفع اندفاعا شديدا صوب البحر. وتمكنا بسهولة من قطع جميع هذه الجداول ونحن على ظهور الإبل ، لكن في حالات كثيرة ، كانت أقدام الحمير البائسة التي تسير أمامنا ، تزل في عنف التيار وتوشك على الهلاك. كان كل جزء من أجزاء الطريق يمتلئ بمياه الفيضان ونتيجة لذلك أضعنا أي أثر