الفصل الرابع
وصف لصور
الخامس والعشرون من نوفمبر / تشرين الثاني : بعد أن تم إعداد مركب لي ، سافرت من (مسقط) إلى (صور) بارتياح كثير. فقد كان مناخها طيلة أيام السنة غير ملائم لبنية أجسام الأوروبيين وكان غير ملائم للصحة في تلك الفترة بالذات كما أن عدد الموتى الذين يقضون نحبهم كل يوم ، حتى بين السكان المحليين ، كان كبيرا جدا. فأحد المساكين الأوروبيين الذي هرب إلى هنا بعد أن نجا من أكثر من مائة خطر في أعقاب هزيمة الأتراك في مقاطعة (عسير) كان يحتضر في مركب كنت قد تركته ، كما أن عددا كبيرا من طاقم سفينة إنكليزية كانوا صرعى مرض خطير.
بعيدا عن ثغرة الشيطان ، التي هي عبارة عن فتحة في سلسلة جبلية قريبة من ساحل البحر ، واجهتنا ريح عاتية. وغمر المركب بكميات كبيرة من المياه وفي إحدى المرات بتنا في وضع حرج. واصلنا رحلتنا في جو عاصف وكانت الأمطار تهطل بغزارة بين حين وآخر ، واتجهنا صوب (قلهات) التي رسونا على مقربة منها لبضع ساعات توجهت خلالها صوب الساحل لمعاينة الآثار.
إن (قلهات) مدينة قديمة جدا أتى على ذكرها العديد من المؤلفين العرب. تغطي بقاياها مساحة شاسعة من الأرض ، لكن كان هناك مبنى واحد في حالة مقبولة وهو عبارة عن مسجد صغير بدا من خلال الكتابات المدونة على مختلف أجزائه بأن المسلمين الهنود كانوا يزورونه. كان القسم الداخلي منه مكسوا بالآجر المزجج متعدد الألوان ونقشت عليه آيات من القرآن الكريم. وإلى الجهة الشمالية من هذه الآثار توجد قرية صغيرة يعمل سكانها في صيد الأسماك وكذلك في الحفر وسط الآثار بحثا عن النقود الذهبية حيث يعدّ الذهب في مسقط من أكثر الأنواع نقاء. ويحمل بعض تلك النقود اسم الخليفة هارون الرشيد.