السّلاح ، وكان في نفس أبي الهيذام عليهم شيء ، فوقفوا بين يديه فقال : يا جعدة ضع سيفك قال : نعم ، جعلت فداك ، فما تقلدنا السيوف إلّا بك وبأهل بيتك ، ثم قال لأبي الورد : يا مسروق بني رياح (١) أقلت إنّ رياحا محل (٢) بحبيب بن مرة أيام فعل ما فعل ، فأحببت أن تخلف أباك في لؤمه ، أحجم أهل اليمن عن طلبتي وتكرم أهل الفضل من غيرهم ، وتجرّدت أنت لي يا مسروق بني رياح؟ ضع سيفك ، قال : نبطي أنا فأضع سيفي ، قال : يا ابن اللخناء وترادّني أيضا ، اعقر فرسه فعقر به ، وضربه فقتله ، ثم قال : يا سكين ، خذ ثأرك من جعدة ، فقام سكين بن ربعي بن سلّام ، فقتل جعدة بن عبد السلام بن سلّام ، ثم قال لكثير : يا ضبع فزارة أما والله لو لا شأنك لألحقتك بصاحبيك ، ومضى أبو الهيذام إلى دمشق فنزل صكّا ، وأرسل إلى عبد السّلام بن حميد : إنّك آمن ، إنّما خفت على أهل دمشق أن يغير اليمن عليهم ، فإذا (٣) رأيت قوتك وضعفهم فأنا منصرف.
قال : وجاء ثلاثمائة من أهل خراسان إلى سعد الطلائع وإلى عبد السلام فقالوا : سرّحا معنا خيلا فنحن نقتل أبا الهيذام فسرّحا معهم جندا في عشر من شهور رمضان ، فلحقوا أبا الهيذام قبل أن يدخل حوران في قرية يقال لها : جمرين (٤) في طرف اللجاة ، فقاتلوه فقتل منهم ثمانية عشر نفسا ، وقتل يومئذ غلام أبي الهيذام ورجل من محارب ، فدعا دعامة القرشي ، وبيهس الفزاري ، فعهد إليهم وأوصاهم بما أراد ومضى. وذلك لعشر بقين من شهر رمضان سنة سبع وسبعين ومائة. وقال قوم : أتاه كتاب من أخيه مع أولئك الفرسان يناشده الله إلّا كفّ عن القتال ولم يحدث حدثا ، ففعل ، ومضى مع أولئك النفر إلى أخيه ، وأمر أصحابه بالتفرق فكان آخر العهد به.
قال : وكان غلام يقاتل مع القيسية ، فكانت أمه تنهاه ، فكان يأبى ، فأتاها يوما وقد شدخ رأسه فجعلت تولول وتصيح ، فقال لها ابنها : ليس عليّ بأس ، قد رقاني (٥) أبو الهيذام.
__________________
(١) في م : بني رباح.
(٢) سقطت اللفظة من م.
(٣) في المطبوعة : فإذ.
(٤) جمرين : قرية من قرى ناحية بصرى الشام.
(٥) عن م وبالأصل : رباني.