كان لعامر بن قيس مجلس في المسجد الجامع ، فكنا نجتمع إليه ، ففقدناه أياما حتى حسبنا أن يكون قد صارع أصحاب الأهواء ، فاتّبعناه في أهله ، فقلنا : يا أبا عبد الله تركت أصحابك وجلست هاهنا وحدك ، فقال : إنه مجلس كثير الأغاليط والتخليط ، فلما كان هذا حققنا الذي كنا ظنناه به ، فقلنا : يا أبا عبد الله وإذا كان هكذا فما تقول فيهم ، قال : وما عسى أن أقول فيهم ، لقيت ناسا من أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم فأخبروني أنّ أخلص الناس إيمانا يوم القيامة أشدّهم محاسبة في الدنيا لنفسه ، وإنّ أشد الناس فرجا يوم القيامة أشدّهم حزنا في الدنيا ، وإنّ أكثر الناس ضحكا يوم القيامة أكثرهم بكاء في الدنيا ، وأخبروني أنّ الله عزوجل فرض فرائض ، وسنّ سننا ، وحدّ حدودا ، فمن عمل بفرائض الله وسننه ، واجتنب حدوده أدخله الجنة بغير حساب ، ومن عمل بفرائض الله وسنّته وارتكب ، حدوده ثم تاب ، ثم ارتكب ، ثم تاب ثم ارتكب ثم تاب ثم ارتكب استقبل أهوال يوم القيامة وزلازلها وشدائدها (١) ، ثم يدخله [الله](٢) الجنة ، ومن عمل بفرائض الله وسننه وارتكب حدوده لقي الله يوم القيامة وهو عليه غضبان ، فإن شاء عذّبه ، وإن شاء غفر له ، قال : وقمنا من عنده وخرجنا.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، وأبو العزّ الكيلي ، قالا : أنا أبو طاهر الباقلاني ـ زاد الأنماطي : وأبو الفضل الباقلاني قالا : ـ أنا محمد بن الحسن بن أحمد ، أنا محمد بن أحمد بن إسحاق ، نا خليفة بن خياط (٣) قال : عامر بن عبد الله ، وهو الذي يقال له : ابن عبد قيس بن عمرو (٤) بن شطن (٥) بن معاوية بن أسعد بن جون بن كعب بن جندب بن العنبر بن عمرو بن تميم. أمّه : الحصيبة (٦) بنت كامل (٧) من بني الشعيراء ، هو بكر بن مرّ بن أدّ ، يكنى أبا عبد الله ، مات أيام معاوية بالشام.
أخبرنا أبو البركات أيضا ، أنا أحمد بن الحسن ، أنا يوسف بن رباح ، أنا أحمد بن محمد بن إسماعيل ، نا محمّد بن أحمد بن حمّاد ، نا معاوية بن صالح قال :
__________________
(١) عن م وبالأصل : وشديدها.
(٢) سقطت من الأصل واستدرك عن م.
(٣) طبقات خليفة بن خياط ص ٣٣٢ رقم ١٥٤٣.
(٤) عن خليفة وم وبالأصل : «عمر».
(٥) كذا بالأصل وم والمطبوعة ، وفي طبقات خليفة : «شطر» وقد مرّ : شيطان.
(٦) في طبقات خليفة : الحصينة.
(٧) كذا بالأصل ، وفي م والمطبوعة ، وفي خليفة : كاهل.