وفدا إلى يزيد من قريش وغيرهم فيهم : عبد الله (١) بن جعفر بن أبي طالب ، وعبد الله بن أبي عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي ، ورجل من بني عدي من آل سراقة ، وعثمان بن عطاء بن تويت ، ومحمّد بن عمرو بن حزم الأنصاري ، وعبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة ، والعباس بن سهل بن سعد السّاعدي ، ومعقل بن سنان الأشجعي ، فقدموا على يزيد وهو بحوّارين فنزلوا على الوليد بن عتبة ، فأقاموا عشرة أيّام لم يصلوا إلى يزيد ، وانتقل يزيد من حوّارين منتزها (٢) وشخص الوفد معه ، فأذن لهم يوم جمعة ، فدخلوا عليه وعنده الوليد بن عتبة ، وعمرو بن سعيد ، ويزيد على سرير (٣) مادّ رجليه قد غطّاهما بسبنيّة (٤) فرحّب بهم ، وتلقّاهم ببشر حسن ، واعتذر إليهم من تركه الإذن لهم عليهم ، وقال : لم أزل وجعا من رجلي ، إنّ الذباب ليسقط عليها فيخيل إليّ أن صخرة سقطت عليها ، فقام إليه السراقي وهو شيخ كبير به رعش ، فدنا منه ، فسقط عليه ، فقال : اعمدوا الشيخ حاجتك؟ فلم يسأله شيئا إلّا أنعم له به ، وقام إليه العبّاس بن سهل بن سعد الساعدي ، فاتكأ على رجله التي شكا يزيد الوجع منها فقطب يزيد من شدة الوجع والعبّاس يكلّمه ويسأله وهو يقول : نعم حتى سأله عشرين حاجة ، ثم قام إليه عثمان بن عطاء بن تويت فقال : يا أمير المؤمنين ، انظر إلى أثر هذا السّفيه في ظهري ، وألقى ثوبه عن ظهره ، فقال عمرو للوليد بن عتبة : هذا عملك ، أنت أمرته؟ قال : لا ما أمرته ، قال : بلى ، فردد ذلك مرارا ، فقال الوليد : ما أمرته ، ولا أمرت أهل العراق بإخراج سعيد من الكوفة ، وكثر القول بينهما ، فكفّهما (٥) يزيد ، وأمر الوفد برفع حوائجهم ، فلم يسألوا حاجة إلّا قضاها ، ثم وصلهم بعد قضاء حوائجهم ، وأذن لهم في الانصراف ، فرجعوا ذامّين له مجمعين على خلعه ، ورجع الوليد بن عتبة إلى المدينة ، وأقام عبد الله بن جعفر لم ينصرف مع الوفد ، وقال بعضهم : لم يكن عبد الله بن جعفر في الوفد ، ولكنه قدم إلى يزيد وحده ، بعد انصراف الوفد إلى المدينة فلم يزل عند يزيد حتى انقضى أمر الحرّة.
__________________
(١) في م : عبيد الله.
(٢) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : متنزها.
(٣) كذا بالأصل وم : «مادّ».
(٤) السّبنية : ضرب من الثياب (اللسان).
(٥) في م : فكفّها.