فإن تصبك من الأيام جائحة |
|
لا تبك منك على دنيا ولا دين (١) |
قال : وما ذاك؟ قال : هذان ابنا عباس بن عبد المطلب أحدهما يفتي الناس في دينهم ، والآخر يطعمهم الطعام (٢) ، فما بقّيا لك ، فأرسل إليهما انكما تريدان أن ترفعا راية قد وضعها الله ، ففرقا من قبلكما من مرّاق أهل العراق ، فقال عبد الله : أي الرجلين يطرد عنا؟ أقابس علم أم طالب نيل ، وبلغ [الخبر](٣) أبا الطّفيل فقال :
لا درّ درّ الليالي كيف نضحكنا |
|
منها عجائب أنباء وتبكينا |
مثل ما تحدث الأيام من عجب |
|
وابن الزبير عن الدنيا يلهّينا |
كنا نجيء ابن عباس فيقبسنا |
|
علما ويكسبنا أجرا ويهدينا |
ولا يزال عبيد الله مترعة |
|
جفانه مطعما ضيفا ومسكينا |
فالدين والعلم والدنيا ببالهما |
|
ننال منها الذي شئنا إذا شينا |
ففيم تمنعنا منهم وتمنعهم |
|
منا وتؤذيهم فينا وتؤذينا |
إن الرسول هو النور الذي كشفت |
|
به عماية ماضينا وباقينا |
وأهله عصمة في ديننا ولهم |
|
حقّ علينا وحق واجب فينا |
ولست فاعلمه بالأولى به سبا |
|
يا ابن الزّبير ولا الأولى به دينا |
لن يجزي الله من أجزى لبغضهم |
|
في الدين عزا ولا في الأرض تمكينا |
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور ، وعلي بن المسلّم الفقيهان ، وأبو المعالي الحسين بن حمزة ، قالوا : أنا أبو الحسن (٤) أحمد بن عبد الواحد بن محمّد بن أحمد بن عثمان ، أنا جدي ، أنا محمّد بن جعفر بن سهل الخرائطي ، نا أبو الفضل العباس بن الفضل الرّبعي ، نا العباس بن هشام الكلبي ، عن أبيه قال : دخل عبد الله بن صفوان ، عن ابن الزبير وهو يومئذ بمكة ، فقال : أصبحت كما قال الشاعر :
فإن تصبك من الأيام جائحة |
|
لم يبك منك على دنيا ولا دين |
قال : وما ذاك يا أعرج؟ قال : هذا عبد الله بن عباس يفقّه الناس ، وعبيد الله يطعم
__________________
(١) البيت لذي الأصبغ العدواني انظر ديوانه ص ٨٩ ، وقد ورد في العقد الفريد ٥ / ٢٩٦ بدون نسبة.
وفي الجليس الصالح : «لم نبك» وفي الأغاني : «لا أبك».
(٢) يريد بهما : عبد الله بن عباس وأخاه عبيد الله وكان كريما سخيّا ، (انظر الأغاني ١٥ / ١٥٢).
(٣) الزيادة عن الجليس الصالح.
(٤) في م : أبو الحسين.