ويكرمون الضيف في الشتاء والصيف ، قال : فمن أي ولده أنت؟ قال : من عجل ، قال : وما عجل؟ قال ليوث ضراغمة ، قروم قشاعمة ، ملوك قماقمة (١) ، قال : فمن أي ولده أنت؟ قال : من مالك ، قال : وما مالك؟ قال : قال الهمام والقمقام القمقام قال : يا ابن صوحان ما تركت لهذا الحي من قريش شيئا؟ قال : بلى ، تركت لهم الوبر والمدر ، والأبيض والأصفر ، والصّفا والمشعر ، والقبة والمنحر ، والسرير والمنبر ، والملك إلى المحشر ، ومن الآن إلى المنشر ، قال : أمّا والله يا ابن صوحان إن كنت لأبغض أن أراك خطيبا ، قال : إني والله إن كنت لأبغض أن أراك أميرا.
أنبأنا أبو القاسم عبد المنعم بن علي بن أحمد بن الغمر ، أنا علي بن الخضر بن سليمان ، أنا عبد الوهاب بن جعفر بن علي ، نا أبو هاشم عبد الجبار بن عبد الصمد السّلمي ، أخبرني الوليد ، وعبد الرّحمن ، ابنا محمّد بن العباس بن الدّرفس (٢) ، قالا : أنا وزيرة (٣) بن محمّد بن وزيرة ، نا القاسم بن عيسى ، نا رحمة بن مصعب ، عن مجالد ، عن الشعبي قال :
خطب الناس معاوية فقال : لو أن أبا سفيان ولد الناس كلهم كانوا أكياسا ، فوثب إليه صعصعة بن صوحان فقال : قد ولد الناس كلهم من هو خير من أبي سفيان ، آدم عليه الصّلاة والسّلام ، فمنهم الأحمق والكيّس ، فقال (٤) معاوية : إن أرضنا قريبة من المحشر ، فقال له صعصعة : إن المحشر لا يبعد على مؤمن ولا يقرب من كافر ، قال معاوية : إن أرضنا أرض مقدّسة ، قال له صعصعة : إن الأرض لا يقدسها شيء ولا ينجسها إنما يقدسها الأعمال ، فقال له معاوية : عباد اتخذوا الله وليا واتخذوا خلفاءه جنّة يحترزوا بها ، فقال له صعصعة : كيف كيف وقد عطلت السّنة وأحقرت الذّمة ، فصارت عشواء مطلخمة في دهياء مدلهمة قد استوعبتها الأحداث ، وتمكنت منها الأمكاث ، فقال له معاوية : يا صعصعة لأن تقعي على ظلعك خير لك ممن استبرأ رأيك وأبدا ضعفك ، تعرّض بالحسن بن علي عليّ ولقد هممت أن أبعث إليه ، فقال له صعصعة : أي والله وجدتهم أكرمكم حدودا وأحباكم حدودا ، وأوفاكم عهودا ، ولو بعثت إليه لوجدته في
__________________
(١) قماقمة جمع قمقام وهو السيد الكثير الخير ، الواسع الفضل (اللسان).
(٢) انظر ترجمته في سير الأعلام ١٤ / ٢٤٥.
(٣) ضبطت عن تبصير المنتبه.
(٤) بالأصل : فقال إن معاوية.