أخبرنا أبو القاسم العلوي ، أنا رشأ المقرئ ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا الحربي ، نا أبو نصر ، عن الأصمعي ، عن أبيه قال : قال الأحنف بن قيس : جنبوا مجالسنا ذكر النساء والطعام ، فإني أبغض الرجل أن يكون وصّافا لفرجه وبطنه (١) ، وإنّ من المروءة والديانة أن يترك (٢) الرجل الطّعام وهو يشتهيه.
قال : ونا أحمد بن مروان ، نا أحمد بن علي المقرئ ، ثنا الأصمعي ، قال : قال عمر بن الخطاب للأحنف بن قيس : أيّ الطعام أحبّ إليك؟ قال : الزبد والكمأة ، فقال عمر : ما هما بأحبّ الطعام إليه ، ولكنه يحبّ خصب المسلمين ـ يعني أن الزبد والكمأة ـ لا يكونان إلّا في سنة الخصب.
قال : وثنا أحمد بن مروان ، نا أبو سعيد السكري ، نا محمّد بن الحارث ، قال : قال المدائني : أتى الأحنف بن قيس مصعب بن الزبير فكلّمه في قوم حبسهم ، فقال : أصلح الله الأمير ، إن كانوا حبسوا في باطل فالحقّ (٣) يسعهم ويخرجهم ، وإن كانوا حبسوا بحقّ فالعفو يسعهم.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أحمد بن محمّد ، وعبد الباقي بن محمّد ، وقالا : أنا أبو طاهر الذهبي ، أنا عبيد الله السكري ، نا أبو زكريا المنقري ، نا الأصمعي ، نا العلاء بن جرير ، عن أبيه ، قال : قال الأحنف : لا ينبغي للوالي أن يحسد لأن خطره عظيم قد عظم عن المحازاة ، والولاة تحسد على حسن التدبير.
قال : وقال الأحنف : لا ينبغي للوالي أن يغضب ، لأن الغضب في القدرة لقاح السيف والندامة (٤).
قال : وقال الأحنف : لا ينبغي للوالي أن يكذب لأنه لا يقدر أحد على استكراهه على غير ما يريده ، ولا ينبغي للوالي أن يدع تفقد لطيف أمور الرعيّة لأمنه على نظره في جسمها لأن للّطف موضعا ينتفع به ، وللجسيم موضعا لا يستغنى عنه.
__________________
(١) الخبر إلى هنا أورده الذهبي في سير الأعلام ٤ / ٩٤.
(٢) بالأصل : «يتر» ولعل الصواب ما أثبتناه : «يترك».
(٣) الخبر في سير الأعلام ٤ / ٩٤ وفيها : «فالعدل يسعهم» وسقطت لفظة «ويخرجهم».
(٤) الخبر في سير الأعلام ٤ / ٩٤ وتاريخ الإسلام حوادث سنة (٦١ ـ ٨١) ص ٣٥٢.