قال أبو سفيان : فلما قضى كلامه ، علت أصوات الذين حوله من عظمائهم وكثر لغطهم ، فما أدري ما قالوا ، وأمر (١) بنا فأخرجنا ، قال أبو سفيان : فلما خرجت مع أصحابي ، قلت : ألا أرى أمر ابن أبي كبشة هذا ملك بني الأصفر (٢) يخافه ، قال : قال أبو سفيان : فما زلت مستيقنا بأن أمره سيظهر حتى أدخل الله [علي](٣) الإسلام وأنا كاره.
ورواه ابن إسحاق عن الزهري ، فأتى عنه بألفاظ لم يأت بها غيره.
أخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أخبرنا رضوان بن أحمد.
ح وأخبرناه أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو بكر القاضي ، قالا : أنا أبو العباس محمّد بن يعقوب ، قالا : أنا أحمد بن عبد الجبار ، أنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، حدّثني الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن عبد الله بن عباس ، حدّثني أبو سفيان بن حرب من فيه ، قال (٤) :
كنا قوما تجارا وكانت الحرب قد حضرتنا (٥) حتى نهكت أموالنا ، فلما كانت الهدنة ـ هدنة الحديبية ـ بيننا وبين رسول الله صلىاللهعليهوسلم لم نأمن أن وجدنا (٦) أمنا ، فخرجت تاجرا إلى الشام مع رهط من قريش ، فو الله ما علمت بمكة امرأة ولا رجلا إلّا وقد حملني بضاعة ، وكان وجه متجرنا من الشام غزة من أرض فلسطين ، فخرجنا حتى قدمناها ـ زاد أبو العباس : وذلك (٧) وقالا : حين ظهر قيصر صاحب الروم على من كان في بلاده من الفرس وأخرجهم منها ، وردّ عليه صليبه الأعظم ، وقد كان سلبوه إياه ، فلما بلغه ذلك ، وكان منزله بحمص من أرض الشام فخرج منها يمشي متشكرا إلى بيت المقدس ليصلّي
__________________
(١) عن صحيح مسلم وبالأصل : «ومرّ».
(٢) بنو الأصفر هم الروم.
(٣) زيادة لازمة عن صحيح مسلم.
(٤) الخبر من طريق ابن إسحاق في الأغاني ٦ / ٣٤٥ والطبري ٢ / ٦٤٦ ودلائل البيهقي ٤ / ٣٨١ وقارن مع صحيح مسلم ٣ / ١٣٩٣ ح (١٧٧٣).
(٥) في الطبري والأغاني : حصرتنا.
(٦) الطبري : لم نأمن ألّا نجد أمنا.
(٧) عن دلائل البيهقي ، وبالأصل : «ودام».