قصة شيبة بوجه آخر : كان شيبة بن عثمان يقول : لما رأيت النبي صلىاللهعليهوسلم غزا مكة وظفر بها وخرج إلى هوازن قلت : أخرج لعلّي أدرك ثأري ، وذكرت أبي ، قتل أبي يوم قتله حمزة ، وعمي (١) قتله علي ، فلما انهزم أصحابه جئته عن يمينه ، فإذا أنا بالعباس قائم ، [عليه](٢) درع بيضاء كالفضة ينكشف عنها العجاج ، فقلت : عمه لن يخذله ، قال : ثم جئته على يساره فإذا بأبي سفيان بن الحارث ، فقلت : ابن عمه لن يخذله ، فجئته من خلفه ، فلم يبق إلّا أن أسوّره بالسّيف إذ رفع لي فيما بيني وبينه شواظ من نار كأنه برق ، وخفت أن يمحشني (٣) ، ووضعت يدي على بصري ومشيت القهقرى ، والتفت إليّ فقال : «يا شيبة ادن مني» ، فوضع يده على صدري وقال : «اللهمّ أذهب عنه الشيطان» ، قال : فرفعت إليه رأسي وهو أحبّ إليّ من سمعي وبصري وقلبي ، ثم قال : «يا شيبة قاتل الكفار» ، قال : فتقدمت بين يديه أحبّ والله أقيه بنفسي بكل شيء ، فلما انهزمت هوازن رجع إلى منزله ، ودخلت عليه فقال : «الحمد لله الذي أراد بك خيرا ، مما أردت» ثم حدّثني بما هممت به [٥٠٥٩].
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا رضوان بن أحمد بن جالينوس ، أنا أحمد بن عبد الجبّار ، نا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق (٤) ، قال : وقال شيبة بن عثمان بن أبي طلحة ، أخو بني عبد الدار : اليوم أدرك ثأري من محمّد ، وكان أبي قتل يوم أحد ، اليوم [أقتل محمدا ، قال : فأدرت برسول الله لأقتله ، فأقبل شيء حتى تغشى فؤادي](٥) فلم أطق ذلك فعرفت أنه ممنوع [مني](٦).
أخبرنا أبو بكر بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الحسن بن علي ، أنا أبو عمر (٧) بن حيّوية ، أنا أبو الحسن أحمد بن معروف بن بشر ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٨) ، أنا هوذة بن خليفة ، نا عوف ، عن رجل من أهل المدينة ، قال : دعا النبي صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) بالأصل : وعمر ، والمثبت عن الواقدي.
(٢) زيادة عن الواقدي.
(٣) الأصل : «يمحشى» والمثبت عن الواقدي.
(٤) الخبر في سيرة ابن هشام ٤ / ٨٧ تحت عنوان : غزوة حنين.
(٥) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، وإضافته لازمة عن سيرة ابن هشام.
(٦) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، وإضافته لازمة عن سيرة ابن هشام.
(٧) بالأصل : «عمرو» خطأ ، والصواب ما أثبت ، وقد مرّ كثيرا.
(٨) الخبر في تهذيب الكمال ط دار الفكر ٨ / ٤٢٢ نقلا عن ابن سعد ، والجزء الأول منه في الإصابة ٢ / ١٦١.