تكشّف عنها العجاج (١) قال : فقلت : عمه لن يخذله ، قال : فجئته عن يساره ، فإذا أنا بأبي سفيان بن الحارث ، قال : فقلت : ابن عمه لن يخذله ، قال : فجئت من خلفه فدنوت ودنوت ودنوت حتى إذا لم يبق إلّا أن أسور مسورة السيف رفع لي شهاب من نار كالبرق فخفته فنكصت القهقرى ، فالتفت إليّ النبي صلىاللهعليهوسلم وقال : «تعالى يا شيبة» ، قال : فوضع النبي صلىاللهعليهوسلم يده على صدري ، فاستخرج الله الشيطان من قلبي ، فرفعت إليه بصري وهو أحب إليّ من سمعي وبصري ، ومن كذا ، قال : فقال لي : «يا شيبة قاتل الكفار» ، قال : ثم قال : «يا عباس اصرخ بالمهاجرين الذين بايعوا تحت الشجرة ، وبالأنصار الذي أووا ونصروا» قال : فما شبهت عطفة الأنصار على رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلّا عطفة الإبل ـ أو كما قال ـ على أولادها ، قال : حتى ترك (٢) رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حرجة (٣) قال : فلرماح الأنصار كانت أخوف عندي على رسول الله صلىاللهعليهوسلم من رماح الكفّار ، قال : ثم قال : «يا عباس ناولني من الحصباء» قال : وافقه الله البغلة كلامه ، فاختفضت به حتى كاد بطنها يمس الأرض ، قال : فتناول رسول الله صلىاللهعليهوسلم من البطحاء فحثى في وجوههم ، وقال : «شاهت الوجوه (حم لا يُنْصَرُونَ)(٤)» [٥٠٥٨].
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا عبد الوهاب بن أبي حية ، أنا محمّد بن شجاع البلخي ، نا محمّد بن غمر الواقدي (٥) ، قال : وكان شيبة بن عثمان بن أبي طلحة قد تعاهد هو وصفوان بن أمية حين وجّه رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى حنين ـ وكان أمية بن خلف قتل يوم بدر ، وكان عثمان بن أبي طلحة قتل يوم أحد ـ فكانا تعاهدا إن رأيا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم دائرة (٦) أن يكونا عليه ، وهما خلفه ، قال شيبة : فأدخل الله الإيمان قلوبنا ، قال شيبة : لقد هممت بقتله ، فأقبل شيء حتى تغشّى فؤادي فلم أطق ذلك ، وعلمت أنه قد منع مني ، ويقال : قال : قد غشيني ظلمة حتى لا أبصر ، فعرفت أنه قد منع مني ، وأيقنت بالإسلام ، قال : وقد سمعت في
__________________
(١) العجاج : الغبار.
(٢) تقرأ بالأصل : «نزل» ولعل الصواب ما أثبت.
(٣) الحرجة مجتمع شجر ملتف كالغيظة (اللسان).
(٤) سورة فصلت ، من الآيات ١ ـ ١٦.
(٥) الخبر في مغازي الواقدي ٣ / ٩٠٩ ـ ٩١٠.
(٦) عن الواقدي ورسمها بالأصل : «؟؟».