كان يمحشني (١) فوضعت يدي على بصري خوفا عليه ، والتفت إليّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم فناداني : : «يا شيبة ادن مني» فدنوت ، فمسح صدري ثم قال : «اللهمّ أعذه (٢) من الشيطان» قال : فو الله لهو كان ساعة إذن أحبّ إليّ من سمعي وبصري ونفسي ، وأذهب الله ما كان بي ، ثم قال : «ادن فقاتل» ، فتقدّمت أمامه أضرب بسيفي ، الله أعلم أني أحبّ أن أقيه بنفسي كل شيء ، ولو لقيت تلك السّاعة أبي لو كان حيّا لأوقعت به السيف ، فجعلت ألزمه فيمن لزمه ، حتى تراجع المسلمون ، فكروا كرة رجل واحد ، وقربت بغلة رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاستوى عليها ، فخرج في إثرهم حتى تفرّقوا في كل وجه ، ورجع إلى معسكره فدخل خباءه فدخلت عليه ما دخل عليه غيري حبا له ولرؤية وجهه وسرورا به ، فقال : «يا شيبة الذي أراد الله بك خير مما أردت بنفسك» ثم حدّثني بكل ما أضمرت في نفسي مما لم أذكره لأحد قط ، قال : فقلت : فإني أشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله ، ثم قلت : استغفر لي يا رسول الله ، قال : «غفر الله لك ...» [٥٠٥٧].
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن منده ، أنا محمّد بن الحسين القطان ، أنا أحمد بن منصور زاج (٣) ، نا سلمة بن سليمان ، نا عبد الله بن المبارك ، عن أبي بكر الهذلي ، عن عكرمة قال : قال لي شيبة بن عثمان : لما رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم حنين يدعو ، ثم ذكر الحديث بطوله لم يزد عليه.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز البغوي ، نا محمّد بن سهم الأنطاكي ، أنا ابن المبارك.
ح قال : وحدّثني إبراهيم بن هارون وعمي ، قالا : نا محمّد بن سعيد الأصبهاني ، نا عبد الله بن المبارك ، عن أبي بكر الهذلي ، عن عكرمة قال : قال لي شيبة : ـ وقال ابن هانئ في حديثه : شيبة بن عثمان ـ لما غزى النبي صلىاللهعليهوسلم ـ يعني يوم حنين ـ تذكرت أبي وعمي قتلهما علي وحمزة ـ عليهماالسلام ـ فقلت : اليوم أدرك ثأري من محمّد ، قال : قال : فجئته فإذا أنا بالعباس بن عبد المطلب عن يمينه عليه درع بيضاء كأنها الفضة ،
__________________
(١) يمحشني أي يحرقني ، يقال : محشته النار أي أحرقته (اللسان).
(٢) في مغازي الواقدي ٣ / ٩١٠ اللهم ، أذهب عنه الشيطان.
(٣) بالأصل : زاح ، والصواب ما أثبت ، انظر ترجمته في سير الأعلام ١٢ / ٣٨٨.