على من ساءت سريرته وخبثت طينته ، (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) (١) ، كيلا يكون للناس على الله حجّة (٢) ، بل كان له حجّة بالغة (٣).
[الاستدلال على المختار بالنقل]
ولا يخفى : أنّ في الآيات (٤) والروايات (٥) شهادة على صحّة ما حكم به
__________________
(١) الأنفال / ٤٢.
(٢) أي : حجّة لله تعالى.
(٣) لا يخفى : أنّ مسألة اختياريّة الإرادة وعدمها من المسائل الدقّيّة العقليّة الّتي وقعت بين الأفاضل والأعلام موردا للنقض والإبرام. ولتحقيق المسألة مقام آخر ، فإنّ لها مقدّمات دقيقة عقليّة مبرهنة في المعقول ، فلا بدّ من تحقيقها في المباحث العقليّة الفلسفيّة. ولا يجوز الدخول فيها من دون ذكر مقدّماتها ، فإنّ الدخول فيها من دون ذكر المقدّمات لا ينتج إلّا الذهول عن حقيقة الأمر والخروج عن سبيل الحقّ ، كما هو المتراءى من المحقّق المصنّف رحمهالله في المقام ومبحث الطلب ، والإرادة.
(٤) منها : قوله تعالى : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) البقرة / ٢٨٤.
ومنها : قوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) الأسراء / ٣٦.
ومنها : قوله تعالى : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) البقرة / ٢٢٥.
ومنها : قوله تعالى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) الأنفال / ٢٥.
فإنّ هذه الآيات تدلّ على المؤاخذة على الخطرات القلبيّة العمديّة ، فتدلّ على استحقاق المتجرّي للعقاب.
(٥) منها : قوله عليهالسلام : «الراضي بفعل قوم كالداخل معهم فيه. وعلى كلّ داخل في باطل إثمان : إثم العمل به ، وإثم الرضا به». الوسائل ١١ : ٤٨ ، الباب ٥ من أبواب الأمر والنهي (كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) ، الحديث ١٢.
ومنها : قوله عليهالسلام : «إنّ الله يحشر الناس على نيّاتهم يوم القيامة». الوسائل : ١ : ٣٤ ، الباب ٥ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ٥.
ومنها : قوله عليهالسلام : «إنّما خلّد أهل النار في النار ، لأنّ نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو خلّدوا فيها أن يعصوا الله أبدا ...». الوسائل ١ : ٣٦ ، الباب ٦ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ٤.