قال : وحدّثني مالك قال : كان عبد الله بن عمر يخرج إلى السوق فيشتري وكان سالم دهره يشتري في الأسواق ، وكان من أفضل أهل زمانه فقيل لمالك : أيكره الرجل الفاضل أن يخرج إلى السوق ويشتري حوائجه ليحابي بفضله؟ فقال : لا وما ناس بذلك قد كان سالم يفعل ذلك ، وقرأ مالك يأكل الطعام ويمشي في الأسواق فلأي شيء يمشون في الأسواق؟ وذكر مالك : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يمشي في الأسواق [٤٦٠١].
أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله ـ إذنا ومناولة ـ وقرأ علي إسناده ـ أنا أبو علي محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا القاضي (١) ، نا الحسين بن القاسم الكوكبي ، نا أبو سعيد الحارثي ، نا العتبي ، عن أبيه ، قال :
دخل سالم بن عبد الله بن عمر على سليمان بن عبد الملك ، وعلى سالم ثياب غليظة رثة ، فلم يزل سليمان يرحب به ويرفعه حتى أقعده معه على سريره ، وعمر بن عبد العزيز في المجلس ، فقال له رجل من أخريات الناس : أما استطاع خالك أن يلبس ثيابا فاخرة أحسن من هذه ويدخل فيها على أمير المؤمنين؟ وعلى المتكلم ثياب سريّة لها قيمة فقال له عمر : ما رأيت هذه الثياب على خالي وضعته في مكانك هذا ، ولا رأيت ثيابك هذه رفعتك إلى مكان خالي ذاك.
قال القاضي : لقد أحسن عمر في جوابه وأجاد في الذب عن خاله. وقد أنشدنا ابن دريد في خبر قد ذكرته في غير هذا الموضع لبعض الأعراب :
يغايظونا بقمصان لهم جدد |
|
كأننا لا نرى في السوق قمصانا |
ليس القميص وإن جددت رقعته |
|
بجاعل رجلا إلّا كما كانا |
وأنشدنا أيضا لأعرابي قصد باب بعض الملوك فحجبه الآذن ، وجعل يستأذن لغيره ممن له بزة :
رأيت آذننا يستام بزّتنا |
|
وليس للحسب الزاكي بمستام |
فلو دعينا على الأحساب قدّمنا |
|
مجد تليد وجدّ راجح نامي |
ولقد أحسن الذي قال :
__________________
(١) الجليس الصالح الكافي للمعافى بن زكريا ٤ / ٩ ـ ١٠.