عبد الكريم بن حمزة السّلمي ، قالوا : أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي ، أنا أبو بكر الخرائطي ، ثنا علي بن حرب ، قال : سمعت أبا المنذر هشام بن محمّد بن السائب الكلبي ، عن عبد المجيد بن أبي عبس ، عن أشياخه ، قال : لما هاجر رسول الله صلىاللهعليهوسلم خفي على قريش خبره فبينا قريش في أنديتها حول البيت إذ سمعوا صوتا من أبي قبيس يقول :
يا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا |
|
ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف |
أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا |
|
على الله في الفردوس منية عارف |
قال علي بن حرب ـ وزاد فيه ابن زياد ـ عنه فلما سألته عنه لم يحفظه :
فإن ثواب الله للطالب الهدى |
|
جنان من الفردوس ذات رفارف |
فعلمت قريش أن ناصر رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الأوس والخزرج سعد بن معاذ ، وسعد بن عبادة.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا أحمد بن محمّد بن النّقّور ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، أنا رضوان بن أحمد ، أنا أحمد بن عبد الجبار ، ثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق (١) ، قال : فلما تفرق الناس من بيعة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلة العقبة ، ونفروا وكان الغد فتشت قريش عن الخبر والبيعة فوجدوه حقا ، فانطلقوا في طلب القوم فأدركوا سعد بن عبادة ، وأفلتهم منذر بن عمرو ، فشدوا يدي سعد إلى عنقه بنسعه (٢) وكان ذا شعر كثير فطفقوا يجذبونه بجمّته (٣) ويصكّونه ويلكزونه ، قال سعد بن عبادة : فو الله إني لفي أيديهم يسحبوني إذ طلع نفر من قريش فيهم فتى أبيض جلد شعشاع وضيّ (٤) ، فقلت : إن يك (٥) عند أحد من القوم خير فعند هذا ، وهو سهيل بن عمرو ، فلما دنا مني رفع يده فلكمني لكمة شديدة ، فقلت : والله ما في القوم خير بعد هذا ، فو الله إني لفي أيديهم إذ غمز رجل منهم فخذي فقال : هل كان بينك وبين أحد من قريش عهد؟ فقلت :
__________________
(١) انظر سيرة ابن هشام ٢ / ٩١ و ٩٢.
(٢) النسع : الشراك الذي يشد به الرحل.
(٣) الجمّة : مجتمع شعر الرأس ، وهي أكثر من الوفرة ، والجمع : جمم.
(٤) بالأصل : «وذي» والمثبت عن سيرة ابن هشام.
(٥) بالأصل : يكون ، خطأ ، والصواب عن ابن هشام.