جملته بيان حكم ذلك فى كتبهم وأنه منكر أو ممنوع مثلا ، ولو لا سبر السبكى لكتب الأئمة من لون الوليد وإلى وقته فلم ير أحدا من العلماء تعرض لإنكار ما فعله بقول ولا قلم لما استدل بما مر عنه ، ولما ساغ له أن يقول : ولما عمل الوليد ذلك كانت أئمة الإسلام والصالحون وسائر المسلمين يحجون وينظرون ذلك ولا ينكرونه على ممر الأعصار انتهي.
وأما الجواب عن كسوة البيت الشريف بالحرير وغيره فقد ذكر السبكى أنه جائز بالإجماع عليه ، وأما قول الشاش من أصحابنا القياس أنه لا يجوز فليس بصحيح وأى قياس يقتضى ذلك والقياس إنما يكون على منصوص من جهة الشرع ، ولم ينص الشرع على شيء يقاس عليه ذلك كيف ولم ينقل أنه صلىاللهعليهوسلم ولا أحد من الصحابة رضى الله عنهم أنكر ذلك؟ وقد كان عمر رضى الله عنه يكسوها من بيت المال وذلك من عمر دليل على وجوب كسوتها ؛ لأنه لا يصرف من بيت المال إلا فى واجب ، وقد كساها النبى صلىاللهعليهوسلم ولا ينافى ذلك حديث عائشة رضى الله عنها أنها قالت : خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى بعض مغازيه وكنت أتحين قفوله فأخذت غطاء كان لنا فسترته على العرص ، فلما جاء استقبلته فقلت السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذى أعزك وأكرمك ، فنظر إلى البيت فرأى النمط ، فلم يرد على شيئا ، ورأيت الكراهة فى وجهه ، فأتى النمط حتى هتكه ، ثم قال : إن الله لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسوا الحجارة واللبن ، قالت : فقطعته وجعلته وسادتين وحشوتهما ليفا ، فلم ينكر ذلك علىّ انتهى. قال النووى : واستدلوا به على أنه يمنع من ستر الحيطان ، وتنجيد البيوت بالثياب وموضع الكراهة تنزيه لا تحريم هذا هو الصحيح ، وقال الشيخ أبو الفتح المقدس من أصحابنا : هو حرام ، وليس فى هذا الحديث ما يقتضى تحريمه ؛ لأن حقيقة اللفظ أن الله تعالى لم يأمرنا بذلك وهذا يقتضى أنه ليس بواجب ولا مندوب ولا يقتضى التحريم انتهي ، وفى الروض كأصله يكره للرجال وغيرهم تزيين البيوت حتى مشاهد العلماء والصالحين بالثياب لحديث الباب ، ويحرم تزيينها بالحرير والصور لعموم الأخبار الواردة فيها ، نعم يجوز ستر الكعبة بالحرير وكذا المساجد على ما أفتى به الغزالى ، وكلام ابن عبد السلام فى فتاويه يميل إليه ، لكن الأصح كما قال ابن العماد عدم الجواز فيها وهو ، ما يقتضيه كلام اليمنى كأصله فى باب زكاة الذهب والفضة انتهي ، قال الإمام