التى أحياها المسلمون فكلها عشرية وأخذ الخراج منها ظلم انتهي ، وقال الزركشى فى خادم الشرح والروضة بعد أن ساق كلامهما فى صورتى الأرض الخراجية إلى آخره مقتصرا على عزو ذلك للشرح يريد أن هذه المسألة مفروضة فى أرض العراق أو فى أرض صالح الكفار المسلمون عليها بخراج يعطونه كل سنة ، وعلى هذا فأرض مصر ليست خراجية انتهي ، إذا تقرر ذلك فقد علمت منه أن مذهب الإمام الشافعى رضى الله عنه أن أراضى مصر لا خراج عليها ، وعلى تقدير أن يكون عليها خراج كما هو مذهب الإمام أبى حنيفة رضى الله عنه فغالب قراها إما وقف أو فيها حصة وقف ، وإذا حكم فى الأوقاف من يرى بعدم الخراج ارتفع الخلاف ، وغالب الأوقاف الحاكم فيها شافعى ومن موجب حكمه عدم الخراج فلا يجوز نقضه ولا مخالفته بوضع الخراج على أراضى الوقف لبيت المال ، وعلى تقدير عدم الحكم بها فما على الأراضى الموقوفة من الحمايات والمغارم زائد على الخراج بكثير بلا شبهة ، فأخذ زائد عليه ممتنع لا يجوز من وجوه الحل القرض عن طيب خاطر باطنا وظاهرا من مال لا شبهة فيه إلى غير ذلك من وجوه الحل ، وقضية ما قلناه من أن المرجع فى ذلك للمال المختص بالكعبة على الوجوه المذكورة ، فإن تعذر ذلك ففى بيت المال أنه لا يجب عند تعذر ما اختص بالكعبة من المال المذكور على المسلمين من أموالهم ، والذى صرح به السبكى فى رسالته تنزل السكينة على قناديل المدينة ، أن العمارة التى تحتاج إليها الحجرة الشريفة أو الحرم إن كان هناك أوقاف يعمر منها وإلا فيقوم بها المسلمون من أموالهم طيبة قلوبهم (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)(١) وهو مقتضى أن تعمير الكعبة إذا تعذر مالها يكون على المسلمين من أموالهم ، ويمكن رده لما قلناه بحمله على ما إذا تعذر الصرف من بيت المال ، أو إن الصرف من أموال المؤمنين يصدق بالصرف من بيت المال فإنه لهم فتأمل ، ثم قال السبكى : وكنت سئلت عن بيع القناديل الذهب التى بالحجرة المعظمة الشريفة حين أراد بعض الناس بيعها لعمارة الحرم الشريف النبوى على سكانه أفضل الصلاة والسلام فأنكرته واستقبحته ، أما إنكاره فمن جهة الفقه لأن هذه القناديل إن كانت وقفا فلا يصح بيعها ، ومن يقول من الحنابلة ببيع
__________________
(١) الأحزاب (٦).