يخالف أحد من الصحابة أنه يؤخذ من الغنى ثمانية وأربعون درهما ، ومن المتوسط أربعة وعشرون درهما ، ومن الفقير المعتمل اثنا عشر ، وقال بذلك الإمام أبو حنيفة وأحمد فيما رواه أكثر الصحابة ، وقال الإمام مالك أربعة دنانير على أهل الذهب ، وأربعون درهما على أهل الفضة ، والمراد بالدينار المثقال الذهب الخالص فإنه الدينار الشرعى ، والمراد بالدرهم أن يكون من الفضة الخالصة ، والإمام الشافعى وإن قال بإجزاء دينار فقد قال أيضا : أنه ينبغى للإمام أن يماكسهم حتى يجعل على الفقير المعتمل دينارا ، وعلى المتوسط دينارين ، وعلى الغنى أربعة دنانير ، قال علماؤنا : فأخذ الأكثر منهم فى مثل هذا الزمن الذى طغوا فيه وتجبروا هو المتعين وهو من المال الحلال الطيب الذى لا ظلم فيه ولا عدوان ، وفى ذلك توسعة على بيت مال المسلمين ولا سيما فى مثل هذه الأوقات المحتاج للنفقة فى الجهاد فى سبيله ، وأما ما ذكره بعض أهل العصر من الشافعية من أن من وجوه المحل أن يؤخذ من مال خراج القرى المصرية فإنه حلال ، وهذا الكلام من هذا المنسوب للشافعية مشكل ، فإن وضع الخراج على الأراضى المصرية لا يقول به الشافعى رحمهالله تعالى ؛ لأن الصحيح كما حكاه النقلة الذين رجع إليهم فى نقل المذاهب أن مصر فتحت عنوة كما قاله ابن الرفعة ونقله الزركشى رحمهماالله تعالي ، وقيل : فتحت مرتين مرة صلحا ثم نكثوا ففتحت مرة ثانية عنوة ، وما فى وصية الشافعى رحمهالله من أن له أرضا بمصر مما يقتضى أنه يرى ملكها وأنها فتحت صلحا فقال بعضهم : يحتمل أنه أحيي الأرض المذكورة بعد أن كانت مواتا فلا دلالة فيه على ذلك ، وحيث فتحت عنوة كما هو القول الأشهر وقسمت بين الغانمين وبقيت فى أيديهم فهى عشرية لا خراج فيها ، والأرض تكون خراجية كما قاله أصحابنا ونقله فى الشرح والروضة فى صورتين : إحداهما : إذا فتحها الإمام قهرا ولم تقسم ، أو قسمت بين الغانمين ثم تعوضها ووقفها علينا وضرب عليها خراجها ، والثانية : إذا فتحت صلحا على أن تكون لنا ويسكنها الكفار بخراج معلوم فهى لنا والخراج عليها أجرة لا تسقط بإسلامهم ، فإن لم يشرط لكن سكنها الكفار بخراج فهى جزية تسقط بإسلامهم ، وأما البلاد التى فتحت قهرا وقسمت بين الغانمين وتثبت فى أيديهم ، وكذا الذى أسلم أهلها عليها والأرض