المركب التى اشتروها حين انكسرت على ساحل الشعيث بخلافه فى زمن الخليل صلىاللهعليهوسلم فإنه لم يكن هناك ما يسقف به ؛ لأنها أرض غير ذى زرع إذ ذاك ، وأيضا قريش أو من قبلها فعلت ذلك لتزداد أبهته ، فهو من الزخرفة الزائدة لتزداد عظمته ، وكذا زيادتها فى طوله إلى جهة العلو أيضا من باب التعظيم أيضا له ، فلا يضر كفعل السوارى والدرج بداخله ، وأما زيادة ابن الزبير رضى الله عنهما فى طوله إلى جهة العلو على طول قريش كذلك ، فلأنه لما أدخل الحجر فى البيت وكانت قريش أخرجته منه استقصر طوله إذ ذاك ، فزاد فى طوله تسعة أذرع ؛ وذلك لأن البناء لما صار ثمانية عشر ذراعا فى السماء وكان هذا طولها يوم هدمها قصرت حينئذ لأجل الزيادة التى زادها من الحجر ، فلم يعجب ابن الزبير ذلك إذ صارت عريضة لا طول لها ، فقال : كانت قبل قريش تسعة أذرع ، وزادت قريش تسعة أذرع ، وأنا أزيد تسعة أخرى ، فبناها سبعة وعشرين ذراعا ، وهذا من باب الزخرفة والتكرمة ، وحيث زيدت إلى هذا الحد باجتهاد هذا الصحابى يكون بناؤها على هذا الطول واجبا ، وإن لم يكن فى أصله واجبا ، كما أن الكسوة لم تكن واجبة فى الأصل ثم وجبت بعد ذلك ؛ لأن فى نقصها عن هذا الطول إهانة لها ، والزيادة عليه خروج عن اجتهاد الصحابة ، فتعين هذا المقدار ، فتأمل. ولهذا لم يغير عبد الملك والحجاج طوله بزيادة أو نقص لكونه غاية فى الحسن ، فلم يأمر بتغييره عن ذلك وإنما أمر بإخراج الحجر كما كان فى زمن قريش ، فالزيادة فى الطول من باب الزخرفة فى البيت الشريف وهى جائزة للتعظيم كما يأتى ، لكن امتنعت الزيادة الآن لما تقدم ، ولا يعد ذلك من التطاول فى البناء المنهى عنه المذموم المشار إليه فى قوله تعالى : (وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) قيل المصانع القصور المشيدة وبروج الحمام وفى قوله صلىاللهعليهوسلم : «أما إن كل بناء فهو وبال على صاحبه» لأن محل ذلك إنما هو بناء القصور المشيدة ، والحصون المانعة ، والغرف المرتفعة ، والعقود المحكمة التى تتخذ للترفه ووصول الأهوية إلى النازل بها ، ويرجون بذلك التمكن فى الدنيا والتشبه بمن يتمنى الخلود فى الدنيا ، ويلتهى بذلك عن ذكر الآخرة ، وأما ما لا بد من فعله للإنسان مما يستره من الحر والبرد وبقية السباع ونحوها من اللصوص التى ترتفع على البناء القصير ويتسورون الجدار ليسرقوا ما يجدونه فيباح ارتفاع الجدار بقدر ما يدفع ضرر المفسدين ، وكذا ما كان فى