مسجد ، ويلحق به كل بناء كان على جهة قربة ، كمكان تنزله المارة وأبناء السبيل ، أو رباط يعد للأرامل والأيتام والفقراء والمساكين ، أو عمارة صهريج بئر ونحو ذلك. والحديث السابق رواه أبو داود عن أنس بن مالك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خرج فرأى قبة مشرفة فقال : ما هذه؟ قال له أصحابه : هذه لفلان رجل من الأنصار ، قال : فسكت وحملها فى نفسه؟ حتى إذا جاء صاحبها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأعرض عنه ، فشكى ذلك لأصحابه فقال : والله إنى لأنكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قالوا : خرج فرأى قبتك : قال : فرجع إلى قبته فهدمها حتى سواها بالأرض ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات يوم فلم يرها ، فقال : ما فعلت القبة ، قالوا : شكا إلينا صاحبها إعراضك عنه فأخبرناه فهدمها ، فقال : «أما إن كل بناء فهو وبال على صاحبه يوم القيامة إلا ما كان فى مسجد أو أو أو» قال ابن رسلان : ولا يقال إن فى هدم ذلك الأنصارى للقبة إضاعة مال لا تجوز ، بل إضاعة المال إنما كانت فى عمارتها ، فإن المال المنفذ فيها هو وبال عليه وهلاك له فى عاقبته غير محترم مع هذا لا يجوز لغيره هدمه انتهى. قال شيخ مشايخنا العلقمى : قلت : ولا له إلا أن يكون أنقاضه ملكا للغير أو الأرض أو نحو ذلك ، لكن علمه صلىاللهعليهوسلم وإقراره عليه فيه دليل لمن يقول بجواز ذلك ، أو كان ذلك تافها لا يعد مثله إتلافا ، وقد يكون النقض الباقى يساوى ما أسرفه فلا إتلاف حينئذ.
وأما الجواب عن أنه هل حصل ممن تقدم على قريش ممن بناه زيادة فى طوله أو على ما كان عليه زمن الخليل أو تسقيف له ، ومن أى شئ سفف إذ ذاك؟ فنقول : قد تناقض فيه كلام الأزرقى ، فإنه أخرج فى رواية أن طول الكعبة كان سبعة وعشرين أذرعا فاقتصرت قريش منها على ثمانية عشر ذراعا ونقصوا من عرضها أذرعا أدخلوها فى الحجر ، والثابت المشهور أن بناء قريش بعد بناء الخليل وأن الخليل صلوات الله عليه جعل طولها فى السماء تسعة أذرع كما تضافرت به الأقوال وذكره الأزرقى أيضا ، فما نقله أن طول الكعبة كان سبعة وعشرين ذراعا إلى آخره فيه مناقضة لما ذكره ، ولم يثبت من طريق صحيح أن أحدا بناها بعد الخليل وجعل طولها سبعة وعشرين ذراعا ، وما تقدم من بناء العمالقة وجرهم وقصى بعد الخليل إنما هو مجرد خبر وهو محتمل ولم يتأيد