مصر فى أسرع حال وأقصر زمان ، وفعله فيها مع أهلها ما فعل رحمهالله تعالى ، وقد وقع آيات عظيمة فمنها ما وقع فى سنة اثنتين وأربعين ومائتين أنه رجمت قرية الشويرا بناحية من مصر من السماء بخمسة أحجار ، ووقع حجر منها على خيمة أعرابى فاحترقت ، ووزن حجر منها فكان عشرة أرطال ، وسار جبل باليمن عليه مزارع لأهله حتى أتى مزارع آخرين ، ووقع بحلب طائر أبيض دون الرخمة فى رمضان فصاح : يا معاشر الناس اتقوا الله الله الله ، فصاح أربعين صوتا ثم طار وجاء من الغد ففعل كذلك ، وكتب صاحب البريد بذلك وأشهد خمسين إنسانا سمعوه ، وفى سنة خمس وأربعين سمع بتنيين صيحة عظيمة هائلة فمات منها خلق كثير ، وغارت عيون مكة ، وفى سنة اثنتين وتسعين هبت ريح سوداء عمت الدنيا وتحرك البيت الحرام مرارا ، ووقع من الركن اليمانى قطعة ، وزلزلت مصر ، وفى سنة ثلاث وتسعين انقض كوكب عظيم سمع لانقضاضه صوت عظيم هائل ، واهتزت الدور والأماكن فاستغاث الناس وأعلنوا بالدعاء ، وفى سنة أربع وخمسين وستمائة يوم الإثنين مستهل جمادى الآخرة وقع بالمدينة الشريفة صوت يشبه الرعد البعيد تارة وتارة أقام على هذه يومين ، فلما كان ليلة الأربعاء تعقبت الصوت زلزلة عظيمة رجفت منها الأرض والحيطان واضطرب المنبر الشريف ، وسمع لها صوت كدوى الرعد ، وارتج القبر الشريف على ساكنه أفضل الصلاة والسلام ، واستمرت تزلزل ساعة بعد ساعة إلى يوم الجمعة خامس الشهر ظهرت النار من الحرة ، إلى غير ذلك من الآيات والزلازل والأمور التى أخبر بها صلىاللهعليهوسلم. وأما الجواب عن وجوب المبادرة بعمارة ما سقط من البيت فنقول : لا يخفى أن الآيات القرآنية الدالة على مزيد تشريف هذا البيت وما ورد فى حقه من الأحاديث النبوية أمر لا يخلو عن بيانه كتاب ، ولا يخفى على ذى رأى صواب قال الله تعالى : (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ) قال فى الكشاف : العمارة تتناول رم ما استهدم منها وقمها وتنظيفها وتنويرها بالمصابيح وتعظيمها واعتيادها والذكر فيها. وقد جاء فى الحديث الحسن عن سيد البشر صلىاللهعليهوسلم أنه قال : (لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحومة حق تعظيمها : «يعنى الكعبة والحرم» فإذا ضيعوا ذلك هلكوا) أو حيث كان كذلك فالمبادرة لبناء ما سقط منها واجب على أكمل الوجوه اللائقة بحرمتها وأبهتها وجلالتها ، وكذا إصلاح ما تشعث واختل من