الكتب تحت أرجل الدواب وبنى منها محالفهم بالمدرسة المنتصرية ، وخلت بغداد ، ثم استولى عليها الحريق حتى عم ترب الرصافة مدفن ولاة الخلافة ، وشوهد على بعض حيطانها إن «ترد عبرة فهذى بنوا العباس دارت عليهم الدائرة» ، واستبيح الحريم إذ قتل الأحياء منهم وأحرق الأموات ، وكثر الموت والغنى بتلك الناحية ، وطوى بساط الخلافة منها ، وقد ذكر بعضهم هذه النار وغرق بغداد وأنهما فى سنة واحدة بقوله :
سبحان من أصبحت فينا مشيئته |
|
جارية في الورى بمقدار |
في سنة أغرق العراق وقد |
|
أحرق أرض الحجاز بالنار |
وخروج التتار وعموم فسادهم معروف.
وكان عند المائة السابعة غلا وفنا عظيمان بديار مصر والشام بحيث أفنيت الحمير والبغال والكلاب الكلا ، وكان للتتار وقعتان بالبلاد الشامية ، وكان عند المائة الثامنة فتنة تمرلنك.
وأما المائة التاسعة فوقع عندها ثلاث أمور كل منها يصلح أن يعد ، أحدهما : استيلاء الفرنج على عدة بلاد من جزيرة الأندلس كغرناطة وغيرها ، الثانى : خروج خارج ببلاد التكرود يقال له سنى على نمط تمرلنك أباد العباد والبلاد وأقام عشرين سنة على ذلك إلى أن أهلكه الله سنة سبع وتسعين ، والثالث : عموم الجهل الذى طبق الأرض وانقراض العلماء من جميع الأقطار من أهل كل فن ، وهذا شىء لم يعهد بمثله فيما تقدم من أول الملة إلى الآن كذا قاله الإمام السيوطى قال الشيخ العلقمى ، قلت : وفى عد هذه الأمور الثلاثة نظر ؛ لأنها قبل تمام المائة التاسعة ، وأسأل الله أن يقبضنا إلى رحمته قبل فتنة المائة التاسعة بجاه نبيه عليه الصلاة والسلام انتهى.
وقال بعض العلماء : لا أشك أن فتنة المائة التاسعة هى فتنة المرحوم السلطان سليم وخروجه مع إخوته وقتل إياهم وأولادهم ، ثم حروبه مع صاحب الشرق وكسره إياه ، ثم قتله على دولاب وأخذه بلاده ، ثم اجتماعه بعسكر مصر وسلطانها على مرج دابغ وقتل سلطانها وأكابر أمرائها ، ثم دخوله إلى