الله تعالى ، وأعدناه بمشيئته ، وقد أخذناه بأمر ، ورددناه بأمر ونظر الناس إلى الحجر فقبلوه واستلموه وحمدوا الله تعالى ، وحضر ذلك محمد بن نافع الخزاعى ونظر إلى الحجر الأسود وتأمله ، وإذا السواد فى رأسه دون أسفله وسائره أبيض ، وحضر معهم ممن حج تلك السنة محمد بن عبد الملك بن صفوان الأندلسى وشهد رد الحجر الأسود إلى مكة حمل على قعود هزيل فسمن ، وكان لما مضوا به مات تحته أربعون جملا ، وكان مدة استمراره عند القرامطة اثنتين وعشرين سنة إلا أربعة أيام ، ثم أمروا صانعين فصنعوا له طوقا من فضة وزنه ثلاثة آلاف وسبعة وثلاثون درهما وطوقاه به وشداه عليه وأحكما بناءه فى محله كما كان ذلك قديما وكما هو الآن أيضا كذلك ، وكان قلع الحجر الأسود فى أيام المقتدر انتهى.
وكان عند المائة الرابعة الحاكم بأمر الله تعالى ، وناهيك بما فعل من الفساد ، بل هو أعظم شرا من الحجاج بكثير ، فإن الحجاج لم يأمر أحدا بالسجود له إذا ذكر اسمه فى الخطبة ، وأفاعيل الحاكم مشهورة معلومة ، ومما يصلح أن يعد هنا أنه فى سنة سبع وأربعمائة اتفق تشعيث الركن اليمانى من الكعبة المعظمة وسقوط جدار من قبر النبى صلىاللهعليهوسلم وسقوط القبة الكبيرة على صخرة بيت المقدس فعد ذلك من أغرب الاتفاقات العجيبة.
وكان عند المائة الخامسة استيلاء الفرنج على كثير من البلاد الشامية منها بيت المقدس ، وقتلوا به وحده أكثر من سبعين ألفا ، وذهب الناس على وجوههم هاربين من الشام إلى العراق مستعينين على الفرنج ، وأقام بيت المقدس بيد الفرنج بعد ذلك إحدى وتسعين يوما إلى أن خلصه منهم السلطان صلاح الدين بن أيوب.
وكان عند المائة السادسة فى جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة ظهور نار الحجاز المنذر بها من أرضها وانطفائها عند وصول حرمها بعد أن استمرت ثلاثة أشهر ، ومن العجائب أن فى تلك السنة احترق المسجد النبوى حريقه الأول عقيب انطفاء هذه النار ، وزادت دجلة زيادة عظيمة فغرق أكثر بغداد وتهدمت دار الوزير ، ثم فى السنة التى بعدها وقعت الكبرى من أخذ التتار لبغداد وقتل الخليفة وأهلها بذل السيف فيهم نيفا وثلاثين يوما ، وألقيت