خاتمة : قد ورد أن رأس كل مائة سنة يكون عندها أمر ، قال ابن أبى حاتم فى تفسيره : حدثنا يحيى بن عبدك القزوينى ، حدثنا خلف بن الوليد ، حدثنا المبارك بن فضالة ، عن على بن زيد بن عبد الرحمن بن أبى بكر ، عن العريان بن الهيثم ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضى الله عنهما ـ قال : «ما كان منذ كانت الدنيا رأس مائة سنة إلا كان عند رأس المائة امرؤ» وأخرجه ابن عساكر فى تاريخه مطولا ، وفيه ذكر خروج الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام ، وكان عند المائة الأول الحجاج الذى عم ظلمه وفساده فجدد الله بعده الدين بعمر بن عبد العزيز ، وكان عند المائة الثانية إظهار المأمون القول بخلق القرآن وغير ذلك من البدع الاعتقادية ، وامتحانه للعلماء بذلك امتحانا عاما فى الأقطار ، ومن لم يجب ضرب أو قيد وحبس أو قتل ، وذلك من أعظم الفتن فى هذه الأمة ، ولم يدع خليفة قبله إلى شئ من البدع ، فقيض الله عند هذه المائة الشافعى فطبق الأرض بعلومه ، وهو أول من أفتى بقتل من قال بخلق القرآن وتكفيره ، وكان عند المائة الثالثة فتنة القرامطة فى كثير من البلاد أنهم دخلوا مكة ، وقتلوا الحجيج فى المسجد الحرام قتلا ذريعا وطرحوا القتلى فى بئر زمزم (١) ، وضربوا الحجر الأسود بدبوس فكسروه ، ثم اقتلعوه وأخذوه إلى بلادهم فعلقوه على الأسطوانة السابعة من جامع الكوفة ، إلى الجانب الغربى ظنا منهم أن الحج ينتقل إلى الكوفة ، وبقى عندهم أكثر من عشرين سنة حتى اشترى منهم بعد ذلك بثلاثين ألف دينار وأعيد إلى محله ، وذلك أنه لما أيست القرامطة من تحويل الحاج إلى هجر ردوا الحجر إلى مكانه ، وقدم شنبر بن حسن القرمطى إلى مكة يوم النحر يوم الثلاثاء عاشر ذى الحجة الحرام سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة ومعه الحجر الأسود ، فلما صار بفناء الكعبة حضر معه يومئذ أبو جعفر محمد بن جعفر بن عبد العزيز العباسى ، فأحضر سفطا أخرج منه الحجر الأسود وعليه ضباب من فضة فى طوله وعرضه لضبط شقوقات حدثت فيه بعد قلعه ، وأحضر معه جصا يشده به ، فوضع حسن بن المزوق البنّاء الحجر فى مكانه الذى قلع منه ، وقيل : بل وضعه شنبر بيده : وقال : أخذناه بقدرة
__________________
(١) انظر هذه الحادثة فى البداية والنهاية ١١ / ١٦٠.