فى الثالثة ، قال
العلقمى فى حاشيته على الجامع الصغير فى شرح هذا الحديث : أما الثالثة فهى هدم ذى
السويقتين له والمراد بها رفع بركته فإنه لا يعمر بعده أبدا ، وأما الأوليين فلم
أر لهما ذكرا فى شئ مما وقفت عليه مما يتعلق بالبيت ولعل الله أن يوفقنا على ذلك
انتهى كلامه.
هذا وانظر ما
المراد من الهدم ، هل المراد هدمه بفعل فاعل أو ما يشمل الانهدام بنفسه؟ وهل
المراد هدم جميعه فيخرج هدم الحجاج بعضه أو ما يعم ذلك فيراجع؟ وما المراد بقوله :
ويرفع فى الثالثة؟ هل المراد أنه يهدم مرة ثالثة فلا يعاد بعد ذلك لقوله : «فلا
يعمر» وهذا معنى رفعه ، وهناك هدم ثالث وعليه فالهدمان فى الإسلام حصل أحدهما بفعل
ابن الزبير ، والآخر بانهدامه بنفسه الواقع فى هذه الأزمنة ، ويكون الثالث الذى لا
يعاد هدم ذى السويقتين ، وهل يكون هناك حج للبيت بعد هدم الحبشة له؟ قضية ما تقدم
على القول الأصح أنه بعد موت سيدنا عيسى ورفع القرآن أنه لا يحج حينئذ ، لكن ذكر
أبو الحسن ابن بطال فى شرح البخارى أن تخريب الحبشة يحصل ثم تعود حرمتها ويعود
الحج إليها واحتج بما رواه البخارى من حديث أبى سعيد رضى الله عنه قال : قال رسول
الله صلىاللهعليهوسلم : «ليحجن البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج».
قلت : وفى
الاستدلال بذلك نظر ؛ لأن يأجوج ومأجوج ظهورهما وهلاكهما فى زمن سيدنا عيسى صلىاللهعليهوسلم وهذا لا يمنع أن يتوسط حج البيت بعد يأجوج ومأجوج فى زمن
سيدنا عيسى صلىاللهعليهوسلم وقبل تخرب الحبشة فأى دليل على ذلك خصوصا مع تصريح الحديث
بأنه لا يعمر بعدها؟
بقى هنا بحث وذلك
أنه تقدم رواية أنه تجئ الحبشة فيخربون البيت خربا لا يعمر ، وفى الرواية الأخرى :
«استمتعوا بهذا البيت فإنه يهدم مرتين ويرفع فى الثالثة» وفى رواية : «يهدم مرتين
ويرفع الحجر الأسود فى الثالثة» فإن قضية ذلك أن البيت إذا خرب وهدم المرة الأخيرة
لا يعمر بعد ذلك ، وهذا مشكل مع ما روى أنه لا تقوم الساعة حتى تزف الكعبة إلى
الصخرة زف العروس فيتعلق بها جميع من حج واعتمر ، فإذا رأتها الصخرة قالت لها :
مرحبا بالزائرة والمزور إليها. وروى أيضا عن كعب الأحبار قال : لا تقوم الساعة حتى
يزف البيت الحرام إلى بيت