المقدس فينقادان إلى الجنة فيهما أهلهما ، وعن جابر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إذا كان يوم القيامة زف البيت الحرام إلى قبرى فيقول : السلام عليك يا محمد ، فأقول : عليك السلام يا بيت الله ، ما صنع بك أمتى بعدى؟ فيقول يا محمد من أتانى فأنا أكفيه وأكون له شفيعا ، ومن لم يأتنى فأنت تكفيه وتكون له شفيعا (١) انتهى.
فهذه الروايات تقتضى أن الكعبة بعينها تكون عامرة عند قيام الساعة ، وأنها تزور قبر النبى صلىاللهعليهوسلم والصخرة الشريفة ، فكيف هذا مع رواية أن الحبشة يخربونه خربا لا يعمر؟ ورواية أنه يهدم مرتين ويرفع فى الثالثة إلا أن يقال بعد خراب الحبشة له لا يعود بناؤه على يد الخلق ولكن عند قيام الساعة يعيده الله على هيئته التى كان عليها قبل هدم الحبشة كإعادة الموتى ، ثم يزف إلى القبر الشريف والصخرة الشريفة وينقادان إلى الجنة.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تذهب الأرضون كلها يوم القيامة إلا المساجد فإنها يضم بعضها إلى بعض» فائدة : قال القرطبى (٢) لا يعارض ما يفعله ذو السويقتين من تخريب البيت آخر الزمان قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً) ؛ لأن تخريب الكعبة إنما يكون عند خراب الدنيا ولعله يكون فى الوقت الذى لا يبقى فيه إلا الأشرار من الخلق فيكون حرما آمنا مع بقاء الدين وأهله فإذا ذهبوا ارتفع ذلك المعنى ، والحق فى الجواب أنه لا يلزم من قوله : «حرما آمنا» وجود ذلك فى كل وقت من الأوقات ، ولا يعارضه ارتفاع ذلك المعنى فى وقت آخر ، فإن قيل : فقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنى أحلت لى مكة ساعة من نهار ثم عادت حرمتها إلى يوم القيامة».
قلت : أما الحكم بالحرمة والأمن لم يرتفع ولا يرتفع إلى يوم القيامة ، وأما وقوع الخوف فيها وترك حرمتها فقد وجد ذلك فى أيام يزيد وغيرها فإن قيل : ما السر فى حراسة الكعبة من الفيل ولم تحرس فى الإسلام زمن يزيد ابن
__________________
(١) انظر نبذة لطيفة فى تاريخ مكة لشهاب الدين القليوبى مخطوط مكتبة مكة لوحة ٤.
(٢) انظر أحكام القرآن ١ / ١٥٠