الشريف : «من بنى مسجدا يبتغى به وجه الله بنى الله له بيتا فى الجنة ، فضله على ما سواه من جميع بيوت الجنة كفضل المسجد على بيوت الدنيا» والمراد بقوله : يبتغى به وجه الله الإخلاص فى الفعل ، فلو بنى مسجدا وكتب اسمه عليه ليطلع عليه الناس فيحمدونه كان بعيدا من الإخلاص ، لأن المخلص يكتفى برؤية المعمور منه ، وقد كان حسان بن أبى سنان يشترى أهل البيت فيعتقهم ولا يخبرهم من هو ، وهذا الحديث يفسر المثلية فى الحديث الآخر وهو : «من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا فى الجنة مثله» فالمثلية فى مسمى البيت ، وأما حقيقته وصفته فى السعة وغيرها فمعلوم فضلها وعظمها ، فالمراد المثلية فى الاسم لا فى المقدار ؛ لأن الأعمال الحسنة جزاؤها الضعف ، وفى الحديث «من بنى لله بيتا كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتا فى الجنة» ومفحص القطاة هو موضع تبحث فيه برجليها وتصلح موضعا لتبيض فيه بالأرض مأخوذ من الفحص ولو هنا للتقليل ، وقد أثبته ابن هشام الخضراوى من معانيها وجعل منه «اتقوا النار ولو بشق تمرة» والظاهر أن التقليل مستفاد مما بعد لو لا من لو ، ثم المراد بالتقليل هنا إما الزيادة فى المسجد تنزيلا له منزلة ابتدائية أو لأن الكلام خرج مخرج المبالغة ، وتأمل كيف خص القطاة بالذكر دون غيرها فى بنائه والصدق فى إنشائه ، وإذا كان هذا ثواب من بنى أى مسجد كان أو زاد فى بناء مسجد ، فكيف بثواب من جدد أشرف بيوت الله تعالى وأولها وأعظمها؟ وقد قال الله تعالى فى كتابه العزيز : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ) فالرفع هنا إما حقيقى أو مجازى كالتطهير فى قوله تعالى : (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ) قال العلماء : المراد بالبيوت هنا المساجد ، وقيل : المساجد بيوت الله تضىء لأهل السماء كما تضىء النجوم لأهل الأرض وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تذهب الأرضون كلها يوم القيامة إلا المساجد فإنها يضم بعضها إلى بعض» وعن أبى الدرداء رضى الله عنه أنه قال : لتكن المساجد مجلسك فإنى سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : إن الله عزوجل ضمن لمن كانت المساجد بيته الأمن والجواز على الصراط يوم القيامة» وأما ما يتوهم من أن سقوط هذا البيت الشريف لأمر يقع فى الدنيا من خرابها وزوالها كما روى عن على بن أبى طالب رضى الله عنه أنه قال : قال الله