تعالى : «إذا أردت أن أخرب الدنيا بدأت ببيتى فخربته ثم أخرب الدنيا على أثره» فخطأ ، وذلك لأن المراد بهذا الخراب المذكور فى الحديث هو الخراب الذى لا يعقبه عمارة. ولا حج وذلك لا يكون إلا من الحبشة بعد موت سيدنا عيسى صلىاللهعليهوسلم قال فى مثير العزم (١) الساكن عن النبى صلىاللهعليهوسلم فى حديث طويل «وخراب مكة من الحبشة ، وخراب المدينة من الجوع ، وخراب اليمن من الجراد» وفى الحديث «اتركوا الحبشة ما تركوكم فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين» قال فى المصباح تركت البحر ساكنا لم أغيره عن حاله انتهى. والمعنى لا تتعرضوا لهم ما داموا فى ديارهم ولم يتعرضوا لكم ، وأما إذا دخلوا بلاد الإسلام قهرا والعياذ بالله تعالى واستباحوا دماء المسلمين وأموالهم ، فلا يباح لأحد ترك قتالهم والذبّ عن أبضاعهم وأنفسهم ، فإن قتالهم فى هذه الحالة فرض عين وفى الحالة الأولى غير فرضى ، قال ابن رسلان : ووجه تخصيص الحبشة أن بلادهم وعرة ذات حر عظيم ، ويقال : إن نهر النيل الواصل إلى مصر من بلادهم باقى ، فإذا شاءوا حبسوه ، وبين المسلمين وبينهم مهاد عظيمة ومفاوز شاقة ، فلم يكلف الشارع المسلمين دخول ديارهم لعظم ما يحصل لهم من التعب والمشقة فى ذلك ، ولأن الحبشة ستأتى الى الكعبة وتستخرج كنز الكعبة فلا يطاقون. والسويقتين تصغير ساق وأحدهما سويقة ، وصغرهما لدقتهما ورقتهما وهى صفة سوق الحبشة غالبا ، قال الخطابى : هذا تصغير الساق ، وهى مؤنثة ، فلذلك أدخل فى تصغيرها الساق عامة الحبشة فى سوقهم حموشته بالحاء المهملة والشين المعجمة إلى دقة ، وقد وصفه النبى صلىاللهعليهوسلم بقوله : «كأنى به أسود أفحج يقلعها حجرا حجرا ويأخذ الكنز مع ما فيها من الآلات والفحج» بفاء فحاء فجيم ، قال ابن حجر الهيثمى : من يتقارب صدرا قدميه ويتباعد عقباه وينفرج ساقاه يقال رجل أفحج وامرأة فحجا ، والوصفان ـ أعنى أسود أفحج ـ منصوبان على الحالية ويقلعها فى محل نصب على الصفة أو الحال كذا قاله الدمامينى ، وورد أنه لا يستخرج كنزها إلا هو ، أنه أزرق العينين ، أفطس الأنف ، كبير البطن ، وأن أصحابه ينقضونها حجرا حجرا ويتناولونها حتى يرموا بها إلى البحر ولا يعارض هذا قوله تعالى : (أَوَلَمْ
__________________
(١) انظر ١ / ٧٣.