بقدر هذه المدة الطويلة الدالة على مزيد إعزاز هذا البيت الشريف وفاء بما أخبر به الصادق المصدوق من خرابه مرتين وأنه يرفع فى الثالثة ، ولم يتقدم له خراب إلا مرة واحدة ، وقد علمنا سلامة العاقبة فى هذا الهدم ، وأنه يجدد فى دولة سلطاننا خلد الله وأبد عزته ، ثم لا يهدم إلا بعد نزول سيدنا عيسى صلىاللهعليهوسلم تهدمه الحبشة فلا يعمر ، وكفى بذلك فخرا لهذا السلطان العثمانى وامتيازا عن جميع سلاطين الإسلام حيث حصل على يده عمارة هذا البيت الشريف وتجديده ويكون له ثوابه ، ويراه سيدنا عيسى صلىاللهعليهوسلم على بنائه فيحمده على ذلك ويدعو له فى تلك المسالك وكذا أهل الكهف لما روى ابن أبى حاتم عن أبى هريرة رضى الله عنه : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليهلن ابن مريم بفيح الروحاء حاجا أو معتمرا» وروى سعيد بن منصور عنه قال سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «لا تقوم الساعة حتى يمر عيسى بن مريم بطن الروحاء حاجا أو معتمرا يلبى لبيك اللهم لبيك» وروى ابن الجوزى فى المثير (١) عن عطف بن خالد قال : يحج عيسى بن مريم إذا نزل فى سبعين ألف فيهم أصحاب الكهف فإنهم لم يموتوا ولم يحجوا» وفى قوله : «لم يموتوا» نظر ، والصحيح أنهم ماتوا.
وروى (٢) الأزرقى عن عمرو بن يسار المكى قال : بلغنى أن الله تعالى إذا أراد أن يبعث ملكا من الملائكة لبعض أموره فى الأرض استأذنه ذلك الملك فى الطواف ببيته فيهبط الملك مهللا.
وعن وهب بن منبه قال : قرأت فى كتاب (٣) من الكتب الأول ذكر فيه أمر الكعبة وأنه ليس من ملك بعثه الله تعالى إلى الأرض إلا أمره بزيارة البيت فينقض من عند العرش محرما ملبيا حتى يستلم الحجر ، ثم يطوف سبعا بالبيت ويصلى فى جوفه ركعتين ، ثم إذا قامت الساعة يعاد ذلك البناء ويزف إلى قبر النبى صلىاللهعليهوسلم ويخاطبه ، ثم إلى بيت المقدس ويعانق الصخرة ، ثم يذهبان إلى الجنة فأى ثواب يعدل ثواب سلطاننا فى هذا الخير العظيم مع ما ورد فى الحديث
__________________
(١) مثير العزم الساكن الى أفضل المساكن ١ / ٧٣
(٢) أخبار مكة ١ / ١٠٣
(٣) أنظر أخبار مكة للأزرقى ١ / ٤٩