تخويفا ، نحن مع
رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى سفر إذ حضرت الصلاة وليس معنا ماء إلا يسير فدعا رسول
الله صلىاللهعليهوسلم بماء فى صحيفة ووضع كفه فيه ، فجعل الماء ينبجس من بين
أصابعه ، ثم نادى هى لأهل الوضوء والبركة من الله ، فأقبل الناس فتوضئوا. فإن ذلك
يدل على أن ابن مسعود يعتفد أنها بركة وينكر على من اعتقد أنها تخويف ، قال :
وجوابه أن «نرى» بضم النون وبه يزول الإشكال ؛ لأنه إنما جاء من طريق أن الكلمة
نرى بفتح النون مبنيا للفاعل بمعنى نعتقد من رأى الاعتقادية المتعدية إلى مفعولين
بنفسها وإلى ثلاثة بالهمزة ، وأن بركات مفعول ثانى وليس كذلك بل هى نرى بالضم
مبنيا للمفعول من أرى البصرى المتعدية قبل دخول الهمزة إلى واحد وبعد دخولها إلى
اثنين ، تقول : «رأى زيد آية» أى أبصر ، وأراه الله آية أى بصّره إياها ومنه قوله
تعالى : (يُرِيكُمُ الْبَرْقَ
خَوْفاً وَطَمَعاً) نصب على الحال وكذلك فى هذا الأثر الضمير الذى ناب مناب
الفاعل مفعول أول والآيات ثان وبركات وتخويف حالان ، وليس مراد ابن مسعود أن
الزلزلة بركة وإنما أراد أن يبين للناس عظم مقدار الصحابة وأنهم كانوا إذا أراهم
الله آية أراهم آيات البركة من نبع الماء وتسبيح الطعام لصلاحهم ، وأن الذى يعدهم
لفساد زمانهم إنما يريهم الله من الآيات ما كان عذابا وغضبا كالزلزلة والخسف هذا
معناه فتأمل انتهى.
ولا شك أن حدوث
هذا الحادث ودخول هذا السيل المهول من هذا الباب فيه إشارة لطيفة وهو أنه لما فقد
من يقوم بحقه من مزيد الإخلاص فى القيام بحقوق الله تعالى كأنه حزن لفقده فتداعى
بناؤه وسقط جداره ، كما قيل فى حكمة سواد كسوة الكعبة أن بعض شيوخ أبى الصيف مفتى
مكة قال له : يا محمد تدرى لم كسى البيت السواد؟ فقال : لا ، فقال : كأنه يسير إلى
أنه فقد ناسا كانوا حوله فلبس السواد حزنا عليهم.
وقد ذكر القسطلانى
فى قصة وقوع الحريق الأول بالمسجد النبوى صلىاللهعليهوسلم المشرف فى أول ليلة الجمعة من رمضان سنة أربع وخمسين
وستمائة أنه شوهد من هذه النار أن صفة القهر والعظمة الإلهية مسئولية على الشريف
والمشروف
__________________