بالجهة الشرقية وهى التى فيها باب بنى شيبة ومنه دخل الماء إلى المسجد الحرام وقل أن يعهد دخول الماء منه ، وصار المسجد مغمورا بالماء الكثير المرتفع نحو القامة ، وكان به خشب كالصندوق الكبير ليس له رأس يستره كان فوق بعض الأساطين التى أزيلت فى هذه السنة لعمارتها ، فأخرجه بعض الناس وركب فيه وصار يقذف به حتى أخرج فيه من السيل الجديد عند زمزم شخصا كان بالسبيل متعلقا فيما قيل ببعض شبابيك السبيل خوفا من الغرق لما دخل الماء السبيل ، ووصلا فيه للمحل الذى أرادا وفعل مثل ذلك لغير واحد ، وما خرج السيل من المسجد حتى هد باب إبراهيم لعلوه ، وألقى السيل فى المسجد من الوحل والطين والأوساخ ما كره التعب لتنظيفه ونقله وعسر قبل ذلك الانتفاع بالمسجد لأجله ، وأفسد للناس أشياء كثيرة فى المتاجر فى الدور التى بمسيل وادى مكة بناحية سوق الليل والصفا والمسقلة ، وما مات فيه أحد فيما علمناه ولكن مات فى هذه الليلة أربعة نفر بمكان يقال له الطنبداوية بأسفل مكة بصاعقة وقعت عليهم هناك فسبحان الفعال لما يريد ، ومما تخرب بهذا السيل موضع الدرب الجديد بسور باب المعلاة وألقاه إلى الأرض وما بين هذا الباب والباب القديم وذلك ثمانية وعشرون ذراعا.
ومنها سيل قارب هذا السيل دخل المسجد الحرام أبوابه لجانب اليمانى وقارب الحجر الأسود ، وألقى فى المسجد أوساخا كثيرة من المزابل والطين وهدم باب الماجن بأسفل مكة وجانبا من سوره حتى بلغ به الأرض ، وكان هذا السيل بعد المغرب ليلة ثالث جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثمانمائة أثر مطر عظيم كان ابتداؤه بعد العصر فى ثانى الشهر المذكور. وقد أوضحنا خبر أمطار مكة وسيولها التى علمناها أكثر من هذا فى أصل هذا الكتاب ، وقد خفى علينا خبر كثير منها بعد الأزرقى لعدم العناية بتدوين ذلك.
أما الجواب عن قوله : هل سقوط هذا الجانب من البيت إلى آخره فهو أنه من باب إرسال الآيات للزجر والتخويف على عادة الله تعالى : قال شيخ الإسلام ابن قدامة الحنبلى : ومن ظن أن أرضا معينة تدفع عن أهلها البلاء مطلقا لخصوصها أو لكونها فيها قبور الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم والصالحين فهو غالط