تقتضى أن السيل دخل الكعبة فبلغ قريبا من الذراع وفرجتى باب إبراهيم وسال بهما ، وهذا لا يفهم مما ذكرناه أولا.
ومنها فى منتصف ذى القعدة سنة عشرين وستمائة سيل عظيم قارب دخول الكعبة ولم يدخلها ، ومنها سيل فى سنة إحدى وخمسين وستمائة ، ومنها فى ليلة نصف شعبان سنة تسع وستين وستمائة سيل لم يسمع بمثله فى هذه الأعصار على ما ذكر الميورقى ، وذكر أنه بسببه من الهدم والغرق مات منهم عالم عظيم ، بعضهم حملهم السيل وبعضهم طاحت الدور عليهم ، انتهى بالمعنى من خط الميورقى.
ومنها فى ليلة الأربعاء سادس عشر من ذى الحجة سنة ثلاثين وسبعمائة وقع سيل عظيم بلا مطر امتلأت منه البرك التى فى المعلاة ، وعند المولد النبوى وخرب البساتين ، وملأ الحرم بالأوساخ ، ومنها فى آخر ذى الحجة سنة اثنين وثلاثين وسبعمائة أمطار وصواعق بمكة منها صاعقة على أبى قبيس فقتلت رجلا والأخرى بالجعرانة فقتلت رجلين ، ومنها فى سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة مطر عظيم وسيل هائل دخل الكعبة وفعل أمورا عجيبة وقد ذكره غير واحد ، وأبلغ بعضهم فى وصفه وأفاد من حاله ما لم يفده غيره لأنى وجدت بخطه ما صورته لما كان عام ثمانية وثلاثين وسبعمائة أحسن الله تقضيه وعقباه ليل الخميس عاشر جمادى الأولى منه الموافق خامس كانون الأول ، قدر الله تعالى حصول غيم ورعود مزعجة وبروق مخيفة ومطر وابل كأفواه القرب المطلقة عن ملء من علو ، ثم دفعت السيول من كل جهة ، وكان ذلك بمكة شرفها الله تعالى وحماها وكان معظم السيل من جهة البطحاء فدخل الحرم الشريف من جميع الأبواب التي تليه من باب بنى شيبة إلى باب إبراهيم ، وحفر فى الأبواب وحول الأعمدة التى فى طريقه جورا مقدار قامتين وأكثر ، ولو لم تكن أساسات الأعمدة محكمة لكان رماها وقلع من أبواب الحرم أماكن وطاف بها الماء وطاف بالمنابر كل واحد إلى جهة ، وبلغ عند الكعبة المعظمة قامة وبسطة ، ودخلها من خلل الباب وعلا الماء فوق عتبتها أكثر من نصف ذراع بل شبرين ، ووصل إلى قناديل المطاف ، وعبر فى بعضها من فوقها فأطفأها ، وغرق بعض المجاورات النساء