هذا وفى المواهب للقسطلانى أذوادى الأزرق خلف أمج بفتح الهمزة والميم والجيم قرية ذات مزارع بينه وبين مكة ميل واحد ، ولم يعين فى رواية البخارى الوادى ، قال : قال المهلب : هذا وهم من بعض رواته ؛ لأنه لم يأت فى أثر ولا خبر أن موسى حى وسيحج ، وإنما أتى ذلك فى عيسى فاشتبه على الراوى ويدل عليه قوله فى الحديث الأخير : «ليهلن ابن مريم بفج الروحاء» انتهى. وهو تغليط للثقات بمجرد التوهم ، وقد ذكر البخارى الحديث فى اللباس من صحيحه بزيادة ذكر إبراهيم فيه أفيقال أن الراوى غلط فزاده؟ وفى رواية مسلم المتقدمة ذكر يونس أفيقال أن الراوى الآخر غلط فزاد يونس؟ وتعقب أيضا بأن توهيم المهلب للراوى وهم منه وإلا فأى فرق بين موسى وعيسى؟ لأنه لم يثبت أن عيسى منذ رفع نزل إلى الأرض وإنما ثبت أنه سينزل ، وأجيب بأن المهلب أراد أن عيسى لما ثبت أنه سينزل كان كالمحقق فقال : «كأنى أنظر إليه» ولهذا استدل المهلب بحديث أبى هريرة الذى فيه : «ليهلن ابن مريم بالحج» ولهذا اختلف فى معنى قوله : «كأنى أنظر إليه» فقيل : إن ذلك رؤيا منام تقدمت له فأخبر عنها لما حج عند ما تذكر ذلك ورؤيا الأنبياء وحى ، وقيل هو على الحقيقة» ، لأن الأنبياء أحياء عند ربهم يرزقون فلا مانع أن يحجوا فى هذه الحالة كما فى صحيح مسلم عن أنس أنه رأى موسى عليهالسلام قائما فى قبره يصلى ، قال القرطبى : حببت إليهم العبادة فهم يتعبدون بما يجدونه من دواعى أنفسهم لا بما يلزمون به كما يلهم الله أهل الجنة الذكر ، ويؤيده أن عمل الآخرة ذكر ودعاء لقوله تعالى : (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَ)(١) الآية ، لكن تمام هذا التوجيه أن يقال : إن المنظور إليه هى أرواحهم فلعلها مثلت له صلىاللهعليهوسلم فى الدنيا كما مثلت له ليلة الإسراء ، وأما أجسادهم فهى فى القبور ، قال ابن المنير : يجعل الله لروحه مثالا ويرى فى اليقظه كما يرى فى النوم ، وقيل ، كأنه مثلت أحوالهم التى كانت فى الحياة الدنيا كيف تعبدوا وكيف حجوا وكيف لبوا ، ولهذا قال كأنى ، وقيل : كأنه أخبر بالوحى عن ذلك ولشدة قطعه به قال : كأنى أنظر إليه انتهى كلام المواهب. قلت فى قوله : إنه لم يثبت أن عيسى منذ رفع نزل إلى الأرض وإنما ثبت أنه سينزل ، وذلك لأن الإمام المحدث الشامى نقل فى سيرته عن ابن إسحاق عن عمر بن عبد العزيز أنه
__________________
(١) يونس (١٠).