قد نوّر الكعبة
تطوافكم
|
|
بها وأنوار
الورى مظلمة
|
ما أصبر البيت
على سراكم
|
|
لو لا كموا كانت
له مشأمة
|
لكنكم فيما
تواصيتم
|
|
بالصبر تحقيقا
وبالمرحمة
|
ما أعشق القلب
بذاتى وما
|
|
أشده حبا وما
أعلمه
|
وكان بينى وبين
الكعبة فى زمان مجاورتى بها مراسلة وتوسلات ومعاتبة وأئمة ، وقد ذكرت بعض ما كان
بينى وبينها من المخاطبات فى جزء سميناه تاج الرسائل ومنهاج الوسائل ، يحتوى فيما
أظن على سبع أو ثمان من أجل السبعة الأشواط ، لكل شوط رسالة مبنى على الصفة
الإلهية التى تجلت لى فى ذلك الشوط ، ولكن ما عملت تلك الرسائل ولا خاطبتها بها
إلا لسبب حادث وذلك أنى كنت أفضل عليها نشأتى وأجعل مكانتها فى محل الحقائق دون
مكانتى ، وأذكرها من حيث ما هى نشأة جمادية فى أول درجة من المولدات ، وأعرض عما
خصها الله به من علو الدرجات ، وذلك لأرقى همتها ولا تحجب بطواف الرسل والأكابر
بذاتها وتقبيل حجرها ، فإنى على بينة من ترقى العالم علوه وسفله مع الأنفاس
لاستحالة ثبوت الأعيان على حالة واحدة فإن الأصل الذى يرجع إليه جميع الموجودات
وهو أعلم وصف نفسه أنه كل يوم هو فى شأن ، فمن المحال أن يبقى شىء من العالم على
حالة واحدة زمانين فتختلف الأحوال عليه لاختلاف التجليات بالشؤون الإلهية ، وكان
ذلك منى فى حقها لغلبة حال غلب على ، فلا شك أن الحق أراد أن ينبهنى على ما أنا
فيه من شكر الحال فأقامنى من مضجعى فى ليلة باردة مقمرة فيها رش مطر فتوضأت وخرجت
إلى الطواف بانزعاج شديد ليس فى الطواف أحد سوى شخص واحد فيما أظن والله أعلم ،
فقبلت الحجر وشرعت فى الطواف ، فلما كنت فى مقابلة الميزاب من وراء الحجر نظرت إلى
الكعبة ، فرأيتها فيما يتخيل لى قد سموت أذيالها واستعدت مرتفعة عن قواعدها ، وفى
نفسها إذا وصلت بالطواف إلى الركن الشامى أن تدفعنى بنفسها وترمى بى عن الطواف بها
وهى تتوعدنى بكلام أسمعه بأذنى فجزعت جزعا شديدا ، وأظهر الله لى منها حرجا وغيظا
بحيث لم أقدر على أن أبرح من موضعى ذلك ، وتسترت بالحجر ليقع الضرب منها عليه