الأسود ويد العالم والصالح والوالد ومعلوم أنه أفضل منهم انتهى. فقوله ومعلوم أنه أفضل إلى آخره قد ينازع فيه بقوله صلىاللهعليهوسلم للكعبة فى الحديث الصحيح : «والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك» وقد يقال الكلام فى مقامين : مقام التعظيم بالظاهر كالقيام والتقبيل ، فالكعبة والمصحف أحق بهذا من مطلق المؤمن ، ومقام الاحترام بأن لا يقبل إليه أبدا ، فالمؤمن أحق بهذا منهما ، لكن يعكر على هذا أن تلويثها بالقذر كفر وإن لم يستحله ، بخلاف تلويث المسلم بل قتله بمجرده لا يكون كفرا ، وقد يجاب بأن الكفر ليس لذات المصحف والكعبة بل لاستلزام تلويثهما بالقذر الاستهزاء بالدين ولا كذلك فى المسلم فهو من حيث ذاته أعظم حرمة منهما ، وهما من حيث التعظيم الظاهر أعظم حرمة منه وهذا وإن كان فيه ما فيه إلا أنه أحوج إليه ضرورة الجمع بين متفرقات كلامهم انتهى كلام ابن حجر. لكن ذكر عارف الزمان الشيخ الأكبر نفعنا الله ببركاته فى الفتوحات كلاما نفيسا فى ذلك يخالف هذا فننقله ليعود على الرسالة بركة نفسه رضى الله عنه فنقول : ذكر فى الباب الثانى والسبعين فى أسرار الحج ما نصه : ولقد نظرت يوما إلى الكعبة وهى تسألنى الطواف بها ، وزمزم تسألنى التضلع من مائه رغبة فى الاتصال بنا سؤال نطق مسموع بالأذن فخفنا من الحجاب بهما لعظيم مكانتهما عما نحن فيه من حال القرب الإلهى الذى ليس بذلك الموطن فى معرفتنا فأنشدتهما مخاطبا ومعرفا بما هو الأمر يكن مترجما عن المؤمن الكامل :
يا كعبة الله ويا زمزمه |
|
كم تسألانى الوصل صد ثم مه |
إن كان وصلى بكما واقعا |
|
فرحمة لا رغبة فيكمه |
يا كعبة الله سوى ذاتنا |
|
ذات ستارات التقى المعلمة |
ما وسع الحق سما ولا |
|
أرض ولا كلم من كلمه |
ولاح للقلب فقال اصطبر |
|
فإنه قبلته المحكمة |
منكم إلينا وإلى قلبكم |
|
منا فيا بيتى ما أعظمه |
فرض على كعبتنا حبكم |
|
وحبنا فرض عليكم ومه |
ما أعظم البيت على غيره |
|
سواك يا عبدى بأن تلزمه |