فجعله المعزفاني : ما أطيب الليل بمرج عذرا.
فأمر له أبو الجيش بمائة ألف دينار ، قال أبو زنبور : فقلت : أيها الأمير تعطي مغني في بدل كلمة مائة ألف دينار وتضايق المعتضد؟ قال : فقال لي : فكيف أعمل ، وقد أمرت وليس أرجع؟ فقلت له : تجعلها مائة ألف درهم ، قال : فقال لي : أفعل اطلقها له معجلة يعني المائة الألف درهم ، وما بقي له يبسطها (١) له في سنين ـ يعني المائة ألف دينار ـ حتى تصير إليه.
قال الصوري : وأخبرنا أبو الفتح بن مسرور إجازة ، حدّثني أبو محمّد ، حدّثني أبي ، قال : كنت مع أبي الجيش خمارويه بن أحمد ، وهو في الصيد على نهر ثورا (٢) بدمشق فانحدر من الجبل أعرابي عليه كساء فجاء حتى أخذ بشكيمة لجامه وهو منفرد على يده بازي ، فنفر البازي فصاح عليه الغلمان فقال لهم : دعوه فقال له : أيها الملك ، قف واستمع ، فقال له : قل ، فقال (٣) :
إنّ السّنان وحدّ السيف لو نطقا |
|
لحدّثا عنك بين الناس بالعجب |
أفنيت (٤) مالك تعطيه وتنهبه |
|
يا آفة الفضّة البيضاء والذهب |
قال : فالتفت أبو الجيش إلى الخادم الذي معه الخريطة فقال : فرّغها ، قال : وكان رسم الخريطة خمس مائة دينار ، ففرغها في كسائه ، فقال له : أيها الملك ، زدني ، فالتفت إلى الغلمان فقال لهم : اطرحوا سيوفكم ومناطقكم عليه ، قال : فطرحوا ، قال : فقال له :
أيها الملك أثقلتني فقال : أعطوه بغلا يحمله عليه ، قال : فلما انصرف أمرني أن أعطي كلّ من طرح سيفه ومنطقته عليه سيفا ومنطقة ذهب ، قال : فصنعناها لهم ودفعناها إليهم.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه ، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت ، نا محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن قريش الحكيمي ، حدّثني محمّد بن يوسف الطولونى ، قال : أراني
__________________
(١) مختصر ابن منظور : تقسطها.
(٢) نهر ثورا : فرع من نهر بردى ، يفترق عنه عند قربة دمّر (ياقوت).
(٣) البيتان في الوافي بالوفيات ١٣ / ٤١٧ وسير الأعلام ١٣ / ٤٤٧.
(٤) سير الأعلام : أتلفت.