وأكبار (١) فقال : ما هذا؟ فقيل : عرس لبعض أهل المدينة ، وسمع إلى جانبه بكاء وصياحا وولولة له فقال : ما هذا؟ فقالوا : فلان مات ، فقال لي : يا عمر بن صدقة أعطوا (٢) هؤلاء فما شكروا ، وابتلوا (٣) هؤلاء فما صبروا ، ولله عليّ إن بتّ في هذه المدينة ، فخرج من ساعته من إخميم إلى الفسطاط (٤).
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو عثمان الصابوني ، أنبأ أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان الواعظ ، أنبأ أبو عبد الله محمّد بن أحمد الوشاء ـ بمصر ـ نا الحسن بن رشيق ، نا أحمد بن جعفر السمسار ، قال : سمعت ذا النون يقول : دخلت إخميم الصعيد ، فدخلت في بعض البراري فسمعت صوتا ولم أر شخصا وهو يقول : يا أبا الفيض أقبل عليّ ، فاتّبعت الصوت ، فإذا أنا بوجه قد خرج من موضعه ، فقال لي : أنت ذو النون المصري؟ فقلت : نعم ، فقال لي : أنت زاهد أهل زمانك؟ قلت : يا عبد الله ، كذا يقال ، فقال لي : يا أبا الفيض أليس تقولون : إن الدنيا ليس تسوى عند الله جناح بعوضة؟ فازهدوا في الآخرة خير لكم ، فقلت له : وكيف نزهد في الآخرة؟ قال : تزهدون في جنتها ونارها ، وترغبون في النظر إلى الله جلّت عظمته ، ثم أمسك عني ورجعت.
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن ، ثنا وأبو النجم بدر بن عبد الله ، أنبأ أبو بكر الخطيب (٥) ، أخبرني عبد الصمد بن محمّد الخطيب ، نا الحسن بن الحسين الهمداني (٦) الفقيه ، قال : سمعت محمّد بن أبي إسماعيل العلوي يقول : سمعت أحمد بن رجاء ـ بمكة ـ يقول : سمعت ذا الكفل المصري ـ وهو أخو ذي النون ـ يقول : دخل غلام لذي النون إلى بغداد فسمع قوالا يقول ، فصاح غلام ذي النون صيحة فخرّ ميتا ، فاتصل الخبر بذي النون ، فدخل إلى بغداد فقال : عليّ بالقوّال واسترده الأبيات ، فصاح ذو النون صيحة فمات القوّال ، ثم خرج ذو النون وهو يقول : النفس بالنفس والجروح قصاص.
__________________
(١) أكبار جمع كبر محركة ، الطبل وتجمع على كبار (القاموس).
(٢) كذا بالأصل وم.
(٣) كذا بالأصل وفي م : «وايتلف» كذا.
(٤) كتب بعدها في م : عورض آخر الثامن والخمسين بعد المائة ، يتلوه أنبأنا أبو سعد ، أخبرنا والدي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن رحمهالله قال :
(٥) الخبر في تاريخ بغداد ٨ / ٣٩٦.
(٦) تاريخ بغداد : الهمذاني.